وزاد البزّار:"فلم يرُدّوا عليها شيئًا". (فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَاَتهُ)؛ أي: فرغ من صلاته، وخرج منها بالتسليم، (رَفَعَ صَوْتَهُ ثُمَّ دَعَا عَلَيْهِمْ) وفي البزّار من طريق زيد بن أبي أُنيسة، عن أبي إسحاق:"فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، اللهم"، قال البزّار: تفرّد بقوله: "أما بعد" زيدٌ، وفي رواية الأجلح، عند البزار:"فرفع رأسه، كما كان يرفعه عند تمام سجوده، فلما قَضَى صلاته، قال: اللهم". قال الحافظ: والظاهر منه أن الدعاء المذكور وقع خارج الصلاة، لكن وقع، وهو مستقبل الكعبة، كما ثبت من رواية زُهير، عن أبي إسحاق عند الشيخين (١).
(وَكَانَ) - صلى الله عليه وسلم - (إِذَا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا)؛ أي: ثلاث مرّات، (وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلَاثًا) قال النوويّ رحمه الله: السؤال هنا هو الدعاء، وإنما عَطَفه؛ لاختلاف اللفظ توكيدًا، (ثُمَّ قَالَ:"اللَّهُمَّ) أصله: يا ألله، حُذف منه حرف النداء، وعُوِّض عنه الميم المشدّدة، ولا يُسْتَعْمَل إلا في نداء لفظ الجلالة، ولا يُجْمَع بين "يا" والميم إلا في الضرورة الشعرية؛ كقوله:
(عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ")؛ أي: ألحق نقمتك بهم، وأهلكهم، والمراد: الكفّار منهم، أو مَن سَمَّى منهم، فهو عامّ أُريد به الخصوص.
[فائدة]: "عليك": اسم فعل بمعنى الْزَمْ، وزيدًا مفعوله، وقد يتعدى إليه بالباء كـ"عليك بذات الدين"، فيكون بمعنى استمسك مثلًا، وقد صَرّح الرضيُّ بأنها زائدة؛ لأنها تُزاد كثيرًا في مفعول اسم الفعل؛ لِضَعف عمله.
وأما الكاف فهي ضمير عند الجمهور، لا حرف خطاب؛ لأن الجار لا يُستعمل بدونها، ولأن الياء والهاء في قولهم:"عَلَيَّ"، و"عليه"، ضميران اتّفاقًا، وهل هي فاعل باسم الفعلِ؟ أو مفعوله، والفاعل مستتر؛ أي: أَلْزِم أنت نفسك زيدًا، و"إليك"، بمعنى: نحِّ نفسك، وكذا الباقي؟ أو مجرورةٌ بالحرف