في نحو "عليك؟ " وبالإضافة في نحو "دونك"، نظرًا للأصل قبل النقل، والفاعل مستتر، أقوال: أصحها ثالثها، فإذا قلت: عليكم كُلكُمْ زيدًا، جاز رفع "كلّ " توكيدًا للمستكنّ، وجرّه توكيدًا للمجرور.
وبهذا يُعْلَم أن اسم الفعل هو الجارّ فقط، وفاعله مستتر فيه، والكاف كلمة مستقلة، وقولهم: منقول من جار ومجرور فيه تسامح، ولم تجعل الكاف مجرورة به. ضافته بعد النقل؛ لأن اسم الفعل لا يَعْمَل الجرَّ، ولا يُضاف، فتدبّر، قاله الخضريّ رحمه الله في "حاشيته على شرح ابن عَقِيل على الخلاصة"(١).
وقوله أيضًا: (عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ") - بصيغة التصغير - القبيلة المعروفة، وهو النضر بن كنانة، ومن لم يلده فليس من قريش، وقيل: قريش هو فهر بن مالك، ومن لم يلده فليس من قريش، نقله السهيلي، وغيره، والثاني أصح، وإن كان الأول قول الأكثرين، كما قال الحافظ العراقي في "ألفية السيرة":
وأصل الْقَرْش: الجمع، وتَقَرّشوا: إذا اجتمعوا، وبذلك سمّيت قريش؛ لتجمّعهم إلى مكة من حواليها بعد تفرقها في البلاد حين غلب عليها قصي بن كلاب، وبه سُمِّي قصي: مُجَمّعًا، وقيل: قريش دابة في البحر، لا تَدَعُ دابة إلا أكلتها، فجميع الدواب تخافها، ومنه اشتق قريش، قال الشاعر:
وقيل: سُمِّيت بقريش بن مخلد بن غالب بن فهر، كان صاحب عيرهم، فكانوا يقولون: قدمت عير قريش، وخرجت عير قريش، وقيل: سميت بذلك لِتَجْرهَا وَتَكَسُّبهَا، وضَرْبها في البلاد تبتغي الرزق، وقيل: سميت بذلك؛ لأنهم كانوا أهل تجارة، ولم يكونوا أصحاب زرع وضرع، من قولهم: فلان يقترش المال؛ أي: يجمعه، قال سيبويه: ومما غلب على الحيّ قريش، وإن جعلت قريشًا اسم قبيلة فعربيّ، وقال الجوهريّ: إن أردت بقريش الحيّ صرفته، وإن أردت القبيلة لم تصرفه، وفي "التهذيب": إذا نَسبوا إلى قريش قالوا: قُرَشي
(١) "حاشية الخضريّ على شرح ابن عَقِيل على الخلاصة" ٢/ ٩٠.