للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إليه القسطلّانيّ، واقتصر ابن الملك على النصب، على أنه خبر "كان"، واسمها ضمير عائد على مقدّر، وهو المفعول المحذوف، فيكون المعنى: كان ما لقيتُ من قومك يوم العقبة أشدَّ ما لقيتُ منهم، و"يوم العقبة" هو اليوم الذي وقف فيه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عند العقبة التي بمنى، وهي التي تُنْسَب إليها جمرة العقبة، داعيًا الناس إلى الإسلام، فما أجابوه، بل آذوه، وذلك اليوم صار معروفًا.

وقال القرطبيّ رحمه الله: "يوم العقبة": هو اليوم الذي لَقِي فيه ابنَ عبد ياليل بن عبد كُلال في آخرين، فكَذَّبوه، وسبُّوه، واستهزؤوا به، فرجع عنهم، فلقيه سُفهاء قريش، فرَمَوه بالحجارة، حتى أدموا رجليه، وآذوه أذًى كثيرًا. انتهى (١).

(إِذْ) ظرف لـ"لقِيتُ"، (عَرَضْتُ نَفْسِي)؛ أي: حين عَرَضت نفسي، و"عَرَضتُ" بفتح الراء، مبنيًّا للفاعل، يقال: عَرَضتُ المتاع للبيع، من باب ضرب: إذا أظهرته لذوي الرغبة؛ ليشتروه (٢)، والمعنى هنا: أنه - صلى الله عليه وسلم - أظهر نفسه لهم؛ ليقبلوا دعوته. (عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ) متعلّق بـ "عَرَضتُ"، و"ياليل" - بتحتانية، وبعد الألف لام مكسورة، ثم تحتانية ساكنة، ثم لام - (ابْنِ عَبْدِ كُلَالٍ) - بضم الكاف، وتخفيف اللام، وآخره لام - واسمه كِنَانة، والذي في "المغازي" أن الذي كلّمه هو عبد ياليل نفسه، وعند أهل النسب أن عبد كلال أخوه، لا أبوه، وأنه عبد ياليل بن عمرو بن عُمير بن عوف، ويقال: اسم ابن عبد ياليل: مسعود، وله أخ أعمى، له ذِكْر في "السيرة" في قذف النجوم عند المبعث النبويّ، وكان ابن عبد ياليل من أكابر أهل الطائف، من ثقيف.

وقد روى عبد بن حميد في "تفسيره" من طريق ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد في قوله تعالى: {عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: ٣١] قال: نزلت في عُتبة بن ربيعة، وابن عبد ياليل الثقفيّ، ومن طريق قتادة قال: هما الوليد بن المغيرة، وعروة بن مسعود، ورواه ابن أبي حاتم من وجه آخر، عن مجاهد، وقال فيه: يعني: كنانة.

وروى الطبريّ من طريق السُّدّيّ قال: هما الوليد بن المغيرة، وكنانة بن عبد بن عَمرو بن عُمير عظيم أهل الطائف.


(١) "المفهم" ٣/ ٦٥٤.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤٠٣.