للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد ذكر موسى بن عقبة، وابن إسحاق أن كنانة بن عبد ياليل وَفَدَ مع وفد الطائف سنة عشر، فأسلموا.

وذكره ابن عبد البرّ في الصحابة لذلك، لكن ذكر المدينيّ أن الوفد أسلموا إلا كنانة، فخرج إلى الروم، ومات بها بعد ذلك، والله أعلم.

وذكر موسى بن عقبة في "المغازي"، عن ابن شهاب أنه - صلى الله عليه وسلم - لما مات أبو طالب، توجه إلى الطائف؛ رَجَاءَ أن يُؤووه، فعمد إلى ثلاثة نفر، من ثقيف، وهم سادتهم، وهم إخوةٌ: عبد ياليل، وحبيب، ومسعود، بنو عمرو، فعَرَض عليهم نفسه، وشَكَى إليهم ما انتَهَك منه قومه، فرَدُّوا عليه أقبح ردّ، وكذا ذكره ابن إسحاق بغير إسناد مُطَوَّلًا، وذكر ابن سعد أن ذلك كان في شوال سنة عشر من المبعث، وأنه كان بعد موت أبي طالب وخديجة.

(فَلَمْ يُجِبْني) بضمّ أوله، من الإجابة، يقال: أجابه إجابةً، وأجاب قوله، واستجاب له: إذا دعاه إلى شيء، فأطاع (١)، والمعنى: أن ابن عبد ياليل لم يُطِعني (إِلَى) تحقيق (مَا أَرَدْتُ) بحذف العائد؛ أي: طلبته منه. (فَانْطَلَقْتُ)؛ أي: ذهبت من عنده (وَأَنَا مَهْمُومٌ) جملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل، (عَلَى وَجْهِي) متعلّق بـ "انطلقتُ"؛ أي: ذهبت هائمًا على الجهة المواجهة لي، لا أدري أين أتوجّه، من شدّة ما استتبعه عدم إجابته، من أقبح الردود من غيره إلى أن اجترؤوا على الرضخ بالحجارة، (فَلَمْ أَسْتَفِقْ)؛ أي: لم أرجع مما أنا فيه من الهمّ، والغمّ. والإفاقة، والاستفاقة: رجوع الفهم إلى الإنسان بعدما شُغل عنه، وقال المجد رحمه الله: أفاق من مرضه: رجعت الصحّة إليه، أو رجع إلى الصحّة، كاستفاق. انتهى (٢).

وقال النوويّ: "لم أستفق"؛ أي: لم أُوَطِّن لنفسي، وأتنبّه لحالي، وللموضع الذي أنا ذاهب إليه، وفيه، إلا وأنا عند قرن الثعالب؛ لكثرة همّي الذي كنت فيه (٣).

وقال الأبيّ: "لم أستفق"؛ أي: لم أنتبه، وقال السنوسيّ: لم أفطن


(١) "المصباح المنير" ١/ ١١٣.
(٢) "القاموس المحيط" ص ١٠١٨.
(٣) شرح النوويّ" ١٢/ ١٥٥.