للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لنفسي. انتهى (١).

وحاصل المعنى: أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يرجع إليه ما غاب من حسّه بسبب تحيّره، واغتمامه بردّ هذا الرجل عَرْض نفسه عليه إلا وهو بالمكان المسمّى بقرن الثعالب.

(إلَّا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ)؛ أي: إلا بالمكان المسمّى به، وهو بفتح القاف، وسكون الراء، و"الثعالب": جمع الثعلب الحيوان المشهور، وهو موضع بقرب مكة.

وقال النوويّ: هو ميقات أهل نجد، ويقال له: قرن المنازل - بفتح الميم - ويقال: هو على مرحلتين من مكة، وأصل القرن: كلُّ جبل صغير منقطع من جبل كبير.

وقال القاضي عياض: يقال فيه: قرنٌ غير مضاف، على يوم وليلة من مكة، قال: ورواه بعضهم بفتح الراء، وهو غلط.

وقال القابسيّ: مَن سَكَّن الراءَ أراد الجبل الْمُشرِف على الموضع، ومن فتحها أراد الطريق الذي يتفرق منه، فإنه موضع فيه طُرُق متفرقة. انتهى (٢).

وفي "أخبار مكة" للفاكهيّ: أن قرن الثعالب جبل مشرف على أسفل منى، بينه وبين مسجد منى ألف وخمسمائة ذراع، وقيل له: قرن الثعالب؛ لكثرة ما كان يأوي إليه من الثعالب.

وأفاد ابن سعد أن مدة إقامته - صلى الله عليه وسلم - بالطائف كانت عشرة أيام (٣).

(فَرَفَعْتُ رَأسِي) إلى السماء (فَإِذَا أَنَا بسَحَابَةٍ) "إذا" هي الفجائيّة؛ أي: ففاجأني وجود سحابة، وقوله: (قَدْ أَظَلَّتْنِي) جملة في محلّ جرّ صفة لـ "سحابة"، (فَنَظَرْتُ) إلى تلك السحابة (فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ) عليه السلام (فَنَادَانِي، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ عز وجل قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ) فيه إثبات صفة السمع لله عز وجل، وقد أورد الحديث البخاريّ رحمه الله في "كتاب التوحيد" من "صحيحه" استدلالًا على إثبات هذه الصفة. (وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ)؛ أي: أجابوك به، ويَحْتَمِل أن يكون أراد:


(١) "شرح الأبّي" ٥/ ١٣٥.
(٢) "عمدة القاري" ١٥/ ١٤٢.
(٣) راجع: "الفتح" ٧/ ٥٣٠، كتاب "بدء الخلق" رقم (٣٢٢٤).