للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ردّهم ما دعاهم إليه من التوحيد بعدم قبولهم له (١). (وَقَدْ بَعَثَ) بالبناء للفاعل؛ أي: أرسل الله تعالى (إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ)؛ أي: الملك الموكّل بالتصرّف في الجبال، (لِتَأمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ)؛ أي: من إهلاكهم بإطباقها عليهم. (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ، وَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ)؛ أي: قول قريش لك، حيث ردّت الدعوى، وآذت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومنعت أن يؤدّي رسالة ربّه سبحانه وتعالى، ولذا توجّه إلى الطائف؛ ليبحث عمن يؤويه، وينصره حتى يؤدّي الرسالة، ويواصل الدعوة، غير أن أهل الطائف أيضًا لم يُحسنوا، بل أساءوا، فردّوا عليه، فرجع مهمومًا أشدّ الهمّ، حتى نسي المكان الذي هو فيه، فما أفاق إلا وهو بقرن الثعالب. (وَأنا مَلَكُ الْجِبَال، وَقَدْ بَعَثَنِي رَبُّكَ إِلَيْكَ؛ لِتَأَمُرَنِي بِأَمْرِكَ، فَمَا شِئْتَ؟) "ما" استفهاميّة مفعول مقدّم لـ"شئت"؛ أي: أي شيء شئتَ؟، حتى أفعَلَهُ، ويَحْتَمِل أن تكون موصولة مبتدأ، والخبر محذوف؛ أي: فالذي شئته فعلته.

وفي رواية البخاريّ: "فقال: ذلك فيما شئت إن شئت". قال في "الفتح": كذا لأبي ذرٍّ، عن شيخيه، وله عن الكشميهنيّ مثله، إلا أنه قال: "فما شئت"، وقد رواه الطبرانيّ عن مِقْدام بن داود، عن عبد الله بن يوسف، شيخ البخاريّ: "فقال: يا محمد، إن الله بعثني إليك، وأنا ملك الجبال؛ لتأمرني بأمرك فيما شئت، إن شئت".

وقوله: "ذلك" مبتدأ، وخبره محذوف، تقديره: كما عَلِمتَ، أو كما قال جبريل، وقوله: "ما شئت؟ " استفهام، وجزاء الشرط مقدر؛ أي: إن شئت فعلتُ (٢).

(إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ) بضمّ حرف المضارعة، من الإطباق؛ أي: أجعلهما عليهم كالطَّبَق، وجواب "إن" محذوف؛ أي: فعلتُ، والمعنى: إن شئت أن أضُمَّ الجبلين، وأجعلهما كالطبَق عليهم حتى يهلكوا فعلتُ، ووقع في بعض النسخ: "أن أَطْبقتُ" بصيغة الماضي، والأولى أوضح. (عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ) - بفتح


(١) "الفتح" بتصرّف يسير ١٧/ ٣٣٠، كتاب "التوحيد" رقم (٧٣٨٩).
(٢) "الفتح" ٧/ ٥٣٠، كتاب "بدء الخلق" رقم (٣٢٢٤).