للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الهمزة، وبالخاء، والشين المعجمتين -: هما جبلا مكة: أبو قُبيس، والذي يقابله، وكأنه قُعيقعان، وقال الصغانيّ: بل هو الجبل الأحمر الذي يُشرف على قُعيقعان.

قال الحافظ رحمه الله: ووَهِمَ من قال: هو ثور؛ كالكرمانيّ، وسُمِّيا بذلك؛ لصلابتهما، وغِلَظ حجارتهما، والمراد بإطباقهما: أن يَلتقيا على مَن بمكة، ويَحْتَمِل أن يريد أنهما يصيران طَبَقًا واحدًا. انتهى (١).

(فَقَالَ لَهُ)؛ أي: لمَلَك الجبال عليه السلام، (رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) لا أريد هذا، (بَلْ أَرْجُو) كذا هو عند البخاريّ للأكثرين، وللكشميهني: "أنا أرجو"، (أَنْ يُخْرِجَ اللهُ) بضم الياء، من الإخراج، (مِنْ أَصْلَابِهِمْ) - بفتح الهمزة: جمع صُلْب؛ أي: ظهورهم، قال المجد رحمه الله: "الصُّلْب" بالضمّ، وبالتحريك: عظمٌ من لدن الكاهل إلى الْعَجْب؛ كالصَّالب، جمعه: أَصْلُبٌ، وأَصلابٌ، وصِلَبَةٌ. انتهى (٢). (مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ) منصوب على الحال، وإن كان معرفةً؛ لتأويله بالنكرة؛ أي: منفردًا، كما قال ابن مالك رحمه الله في "الخلاصة":

وَالْحَالُ إِنْ عُرِّفَ لَفْظًا فَاعْتَقِدْ … تَنْكِيرَهُ مَعْنًى كـ "وحْدَكَ اجْتَهِدْ"

وقوله: (لَا يُشْرِكُ بهِ شَيْئًا") تفسير لـ"وحْدَهُ"، وقد حقّق الله سبحانه وتعالى رجاءه، فأخرج الله تعالى من أصلابهم رجالًا كانوا يعبدونه حقّ عبادته، قاموا بالتوحيد، ونَشْر الدعوة إلى الله عز وجل في أصقاع الأرض، {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: ٣٧] وهم: مِن الصحابة، والتابعين، ومَن بعدهم.

وقال القرطبي رحمه الله: وإذا تأمّلتَ هذا الحديث انكشف لك من حاله - صلى الله عليه وسلم - معنى قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)} [الأنبياء: ١٠٧] (٣)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عائشة - رضي الله عنها - هذا متّفقٌ عليه.


(١) "الفتح"٧/ ٥٣٠، كتاب "بدء الخلق" رقم (٣٢٢٤).
(٢) "القاموس المحيط" ص ٧٤٧.
(٣) "المفهم" ٣/ ٦٥٤.