للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَيَأتِيكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ

وأخرج ابن أبي شيبة نحوه، من حديث ابن عباس، وأخرج أيضًا من مرسل أبي جعفر الخطميّ، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبني المسجد، وعبد الله بن رواحة يقول:

أَفْلَحَ مَنْ يُعَالِجُ الْمَسَاجِدَا

فيقولها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيقول ابن رواحة:

يَتْلُو الْقُرْآنَ قَائِمًا وَقَاعِدَا

فيقولها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأما ما أخرجه الخطيب في "التاريخ" عن عائشة - رضي الله عنها -:

تَفَاءَلْ بِمَا تَهْوَى يَكُنْ فَلَقَلَّمَا … يُقَالُ لِشَيءِ كَانَ إِلَّا تَحَقَّقْ

قال: وإنما لم يُعربه؛ لئلا يكون شعرًا (١)، فهو شيء لا يصحّ، ومما يدلّ على وهائه التعليل المذكور.

يؤيد ذلك ما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أصدق كَلِمَة قالها الشاعر كلمةُ لبيد:

أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللهَ بَاطِلُ"

وأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يجوز له أن يَحْكي الشعر عن ناظمه، وقد تقدم في غزوة حنين قوله - صلى الله عليه وسلم -:

أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ … أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ

وأنه دلّ على جواز وقوع الكلام منه منظومًا من غير قصد إلى ذلك، ولا يُسَمَّى ذلك شعرًا، وقد وقع الكثير من ذلك في القرآن العظيم، لكن غالبها أشطار أبيات، والقليل منها وقع وَزْن بيت تامّ، فمن التام قوله تعالى:

{التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ} [التوبة: ١١٢]، {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} [النمل: ٢٣]، {مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ} [التحريم: ٥]، {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦)}


(١) ولفظ البيهقي في "السنن الكبرى" ٧/ ٤٣: قالت عائشة - رضي الله عنها -: ولم يقل تحققَا؛ لئلا يعربه فيصير شعرًا. انتهى.