للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لقبحه، ويجوز نصبه على نزع الخافض، أي يَعظم، ويشقّ التكلّم به على أحدنا (أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ) "أن" مصدريّة، والمصدر المؤوّل مفعول "يتعاظم"، أي يتعاظم التكلّمَ به.

(قَالَ: "وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ ") قال القرطبيّ: كذا صحّت الرواية "وقد" بالواو، ومعنى الكلام: الاستفهام على جهة الإنكار والتعجّب، فيَحتمل أن تكون همزة الاستفهام محذوفةً، والواو للعطف، فيكون التقدير: "أوَ قد وجدتموه؟ "، ويَحْتَمِلُ أن تكون الواو عِوَض الهمزة، كما قرأ قُنبُل، عن ابن كثير: {قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ}، قال أبو عمرو الدانيّ: هي عوضٌ من همزة الاستفهام، وهذه الواو مثلها، والضمير في "وجدتموه" عائد على التعاظم الذي دلّ عليه "يَتَعاظم". انتهى (١).

ولفظ أحمد في "مسنده": "أوجدتم ذلك؟ "، ولفظ أبي داود: "أوَ قد وجدتموه"، قال القاري: والهمزة فيه للاستفهام التقريريّ، والواو المقرونة بها للعطف على مقدَّر: أي أحصلَ ذلك، وقد وجدتموه؟، والضمير لما يتعاظم، أي ذلك الخاطر في أنفسكم تقريرًا وتأكيدًا، فالوجدان المصادفة، أو المعنى: أحصلَ ذلك الخاطر القبيح، وعلمتم أن ذلك مذموم غير مرضيّ؟ فالوجدان بمعنى العلم. انتهى (٢).

(قَالُوا) أي الصحابة السائلون (نَعَمْ) أي قد وجدناه (قَالَ: "ذَاكَ) إشارة إلى مصدر "وَجَد"، أي وجدانكم قبحَ ذلك الخاطر، أو إلى مصدر "يتعاظم"، أي علمكم بفساد تلك الوساوس، وامتناع نفوسكم، وتجافيها عن التفوّه بها (صَرِيحُ الإيمَانِ") أي خالصه، يعني: أن ذلك أمارته الدالّة صريحًا على رسوخه في قلوبكم، وخلوصها من التشبيه والتعطيل؛ لأن الكافر يُصرّ على ما في قلبه من تشبيه الله - سبحانه وتعالى - بالمخلوقات، ويعتقده حسنًا، فمن استقبحها، وتعاظمها؛ لعلمه بقبحها، وأنها لا تليق به تعالى كان مؤمنًا صدقًا، فلا تُزعزعه شُبهةٌ، وإن قَوِيت، ولا تحُلّ عُقدة قلبه ريبةٌ، وإن مُوِّهت، وأما من كان إيمانه مشوبًا فيقبل الوسوسة، ولا يردّها.


(١) "المفهم" ١/ ٣٤٤.
(٢) "المرقاة" ١/ ٢٤١.