للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي "تفسير الطبريّ" من طريق المفضل بن صالح، عن الأسود، في حديث الباب: "فقالت امرأة من أهله، ومن قومه"، ولا شك أن أم جميل من قومه؛ لأنها من بني عبد مناف.

وعند ابن عساكر: أنها إحدى عماته، ومُستنده في ذلك هو ما أخرجه قيس بن الربيع، في "مسنده" عن الأسود بن قيس راويه، وأخرجه الفريابيّ شيخ البخاريّ في "تفسيره" عنه، ولفظه: "فأتته إحدى عماته، أو بنات عمه، فقالت: إني لأرجو أن يكون شيطانك قد وَدَّعَك". انتهى (١).

(لَمْ أَرَهُ قَرِبَكَ) - بكسر الراء - يقال: قَرِبه يَقْرَبه - بفتح الراء - متعديًا، ومنه: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ} [النساء: ٤٣]، وأما قَرُب - بالضم - فهو لازم، تقول: قَرُب الشيءُ؛ أي: دنا، قاله في "الفتح" (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "بكسر الراء" يوهم أنه لا يجوز غير الكسر، وفيه نظر، فقد نصّ الفيّومي - رحمه الله - على أن فتح الراء لغةٌ، وعبارته: قَرُبَ الشيءُ منّا قُربًا، وقَرَابةً، وقُربةً، وقُرْبَى، ويقال: الْقُرْب في المكان، والقربة في المنزلة، والْقُربى، والقَرَابة في الرحم، قال: وقَرِبتُ الأمرَ أَقْربه، من باب تَعِبَ، وفي لغة من باب قَتَلَ قِرْبانًا - بالكسر - فعلته، أو دانيته، ومن الأول قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: ٣٢]، ومن الثاني قولهم: "لا تَقْرَب الْحِمَى"؛ أي: لا تدنو منه. انتهى (٣).

وكذا نصّ على الفتح محمد مرتضى الزبيديّ - رحمه الله - في "تاج العروس" (٤) عند قول المجد: "قَرِب؛ كسَمِع"، فزاد مرتضى: "وقرُبَ؛ كنصَرَ"، فنصّ على جواز الفتح أيضًا.

فقوله: "وفي لغة من باب قَتَلَ"، وكذا قول مرتضى: "كنصر" يدلان على أن قولها: "قَرِبك" يجوز فيه الوجهان: كسر الراء، وفتحها، فتنبّه، والله تعالى أعلم.


(١) "الفتح" ٣/ ٥١٣ - ٥١٤، كتاب "التهجّد" رقم (١١٢٥).
(٢) "الفتح" ١١/ ٩٦، كتاب "التفسير" رقم (٤٩٥٠).
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٤٩٦.
(٤) راجع: "التاج" ١/ ٤٢٢.