للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والاستجابة لطاعته، (وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبيٍّ: أيُّهَا الْمَرْء) يريد النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، (لَا أَحْسَنَ مِنْ هَذَا) قال النوويّ - رحمه الله -: هكذا هو في جميع نسخ بلادنا، بألف في "أَحْسَنَ"؛ أي: ليس شيءٌ أحسن من هذا، وكذا حكاه القاضي عن جماهير رواة مسلم، قال: ووقع للقاضي أبي عليّ: "لأحسنُ من هذا" بالقصر، من غير ألف، قال القاضي: وهو عندي أشبه بِصِلة قوله: "إن كان ما تقول حقًّا"، وإلا فكيف يشكّ في قوله: "حقًّا"، ويصفه بأنه لا شيء أحسن منه؟ وإنما مراده - والله أعلم - لأَحْسَنُ مِنْ قصدك لنا، وتسوّرك علينا في مجالسنا، إن كان الذي تأتي به حقًّا لا تؤذنا، وتقعد في رحلك، فمن جاءك أسمعته ما عندك. وهو أليق بمقصود المنافق الشاكّ - والله أعلم - وقد قيل: إن ابن أُبيّ لم يكن حينئذ بعدُ إلا على شركه، لم يُظهر الإسلام بعدُ، وهو دليل لفظ الحديث ومساقه، ولقوله: "لا تؤذنا به"؛ يعني: القرآن، ولقوله: "في أخلاط من المشركين والمسلمين". انتهى (١).

وفي رواية البخاريّ: "لا أحسن مما تقول"، قال في "الفتح": بنصب "أحسنَ"، وفتح أوله، على أنه أفعل تفضيل، ويجوز في "أَحسنُ" الرفع، على أنه خبر "لا"، والاسم محذوف؛ أي: لا شيءَ أحسنُ من هذا، قال: ووقع في رواية الكشميهنيّ بضم أوله، وكسر السين، وضم النون، ووقع في رواية أخرى: "لأَحسنُ"، بحذف الألف، لكن بفتح السين، وضم النون، على أنها لام القسم، كأنه قال: أحسن من هذا أن تقعُد في بيتك، حكاه القاضي عياض، عن أبي عليّ، واستحسنه، وحَكَى ابن الجوزيّ تشديد السين المهملة، بغير نون من الْحِسّ؛ أي: لا أعلم منه شيئًا. انتهى (٢).

وقال في "العمدة": قوله: "لا أحسن مما تقول": لفظ "أحسن" أفعل تفضيل، و"من" في "مما" زائدة، قال التيميّ؛ أي: ليس أحسنُ مما تقول؛ أي: إنما تقول حسن جدًّا، قال ذلك استهزاءً، ويرْوَى: "لا أُحْسِنُ" بلفظ فعل المتكلم من المضارع، و"ما تقول" مفعوله، وقوله: "إن كان حقًّا" يصحّ تعلقه


(١) "إكمال المعلم" ٦/ ١٧٢ - ١٧٣، و"شرح النوويّ" ١٢/ ١٥٨.
(٢) "الفتح" ١٠/ ١٩، كتاب "التفسير" رقم (٤٥٦٦).