للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

زاد في رواية البخاريّ: "فشتمه". (قَالَ: فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ) قال القرطبيّ - رحمه الله -: والطائفة التي غَضِبت لعبد الله بن أبيّ كان منها منافقون على رأي عبد الله، ومنها مؤمنون، حَمَلهم على ذلك بقية حميّة الجاهلية، ونزغة الشيطان، لكن لَطَفَ الله تعالى بهم، حيث أبقى عليهم اسم المؤمنين بقوله: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: ٩]؛ ليراجعوا بصائرهم، ويطهروا ضمائرهم. انتهى (١).

(قَالَ: فَكَانَ بَيْنَهُمْ ضَرْبٌ بِالْجَرِيدِ) قال في "الفتح": كذا للأكثر بالجيم والراء، وفي رواية الكشميهنيّ: "بالحديد" بالمهملة والدال، والأول أصوب، ووقع في حديث أسامة: "فلم يَزَل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يُخَفِّضهم، حتى سكتوا" (٢). (وَبِالأَيْدِي، وَبِالنِّعَالِ)، وفي بعض النسخ: "والنعال" بحذف الجارّ. (قَالَ: فَبَلَغَنَا) قال في "الفتح": قائل ذلك هو أنس بن مالك - رضي الله عنه -، بَيّنه الإسماعيليّ في روايته المذكورة، من طريق المقدَّميّ، فقال في آخره: "قال أنس: فأُنبئت أنها نَزَلت فيهم"، قال الحافظ: ولم أقف على اسم الذي أنبأ أنسًا بذلك، ولم يقع ذلك في حديث أسامة، بل في آخره: وكان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يَعْفُون عن المشركين، وأهل الكتاب، كما أمرهم الله، وَيصبرون على الأذى … إلى آخر الحديث. انتهى (٣).

(أنَّهَا) الضمير للقصّة، وهو الضمير الذي يُسمّى بضمير الشأن إذا كان للمذكّر، وهو الضمير الذي تفسّره جملة بعده، كما قال ابن مالك - رحمه الله - في "الكافية":

وَمُضْمَرُ الشَّأنِ ضَمِيرٌ فُسِّرَا … بجُمْلَةٍ كَـ"إنَّهُ زيدٌ سَرَى"

(نَزَلَتْ فِيهِمْ)؛ أي: في الطائفتين المتغاضبتين المتضاربتين بالجريد والنعال، وقوله {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: ٩] فاعل "نَزَلت" محكيّ؛ لقصد لفظه.


(١) "المفهم" ٣/ ٦٥٨.
(٢) "الفتح" ٦/ ٥٧٢ - ٥٧٣، كتاب "الصلح" رقم (٢٦٩١).
(٣) "الفتح" ٦/ ٥٧٢ - ٥٧٣، كتاب "الصلح" رقم (٢٦٩١).