[تنبيه]: استَشْكَلَ ابن بطال - رحمه الله - نزول الآية المذكورة، وهي قوله تعالى:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} الآية في هذه القصّة؛ لأن المخاصمة وقعت بين من كان مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من أصحابه، وبين أصحاب عبد الله بن أُبيّ، وكانوا إذ ذاك كُفّارًا، فكيف يَنزل فيهم {طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، ولا سيما إن كانت قصّة أنس وأسامة مُتَّحِدةً، فإن في رواية أسامة: فاستَبَّ المسلمون والمشركون؟.
أجاب الحافظ - رحمه الله - بأنه يُمكِن أن يُحْمَل على التغليب، مع أن فيها إشكالًا من جهة أخرى، وهي أن حديث أسامة صريحٌ في أن ذلك كان قبل وقعة بدر، وقبل أن يُسْلِم عبد الله بن أُبيّ وأصحابه، والآية المذكورة في "الحجرات"، ونزولها متأخر جدًّا، وقتَ مجيء الوفود، لكنه يَحْتَمِل أن تكون آية الإصلاح نزلت قديمًا، فيندفع الإشكال. انتهى كلام الحافظ - رحمه الله -، وهو بحث نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - هذا متّفق عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٣٨/ ٤٦٥٢](١٧٩٩)، و (البخاريّ) في "الصلح"(٢٦٩١)، و (أحمد) في "مسنده"(٣/ ١٥٧ و ٢١٩)، و (أبو يعلى) في "مسنده"(٧/ ١٢٥)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٤/ ٣٤٥)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٨/ ١٧٢)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان ما كان عليه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من الصفح، والحلم، والصبر على الأذى في الله، والدعاء إلى الله، وتأليف القلوب على ذلك.
٢ - (ومنها): أن ركوب الحمار لا نقص فيه على الكبار، وكان ركوبه - صلى الله عليه وسلم - على سبيل التشريع، فقد رَكِبَ مرّةً فرسًا لأبي طلحة في فزع كان بالمدينة، ورَكِب يوم حنين بغلته؛ ليثبت المسلمون إذا رأوه عليها، ووقف بعرفة على