قال: وقيل: هو منصوب بإضمار "أعني"، وتَعَقَّبه ابن التين بأن شرط هذا الإضمار أن تكثر النعوت.
وقال الداوديّ: كأن ابن مسعود تعمَّد اللحن؛ لِيُغيظ أبا جهل؛ كالمصغِّر له، وما أبعد ما قال.
وقيل: إن قوله: "أنت" مبتدأ محذوف الخبر، وقوله:"أبا جهل" مُنَادى محذوف الأداة، والتقدير: أنت المقتول يا أبا جهل، وخاطبه بذلك مُقَرِّعًا له، ومتشفِّيًا منه؛ لأنه كان يؤذيه بمكة أشدّ الأذى.
وفي حديث ابن عباس، عند ابن إسحاق، والحاكم:"قال ابن مسعود: فوجدته بآخر رَمَقٍ، فوضعت رجلي على عنقه، فقلت: أخزاك الله يا عدوّ الله، قال: وبما أخزاني؟ هل أعمد رجل قتلتموه؟ "، قال: وزعم رجال من بني مخزوم أنه قال له: لقد ارتقيت يا رُويعَ الغنم، مُرْتَفى صَعْبًا، قال: ثم احتززت رأسه، فجئت به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: هذا رأس عدوّ الله أبي جهل، فقال: والله الذي لا إله إلا هو؟ فحلف له".
وفي زيادة المغازي، روايةِ يونس بن بكير، من طريق الشعبيّ، عن عبد الرحمن بن عوف، نحو الحديث الذي بعده، وفيه: "فحَلَف له، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده، ثم انطَلَق حتى أتاه، فقام عنده، فقال: الحمد لله الذي أعزّ الإسلام وأهله"، ثلاث مرات (١).
(فَقَالَ) أبو جهل (وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ؟) اختُلف في معنى كلام أبي جهل هذا على قولين:
[أحدهما]: أنه أراد لا عارَ عليّ في قتلكم إياي، كأنه قال: هل هناك عارٌ على رجل قتله مثلكم؟، فالاستفهام للإنكار؛ يعني: أنه ليس عليه عارٌ، بل شرف له؛ لأن قومه قتلوه، ويريد بقومه قريشًا، وذلك أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه المهاجرين من قريش، وابنا عفراء اللذان قتلاه، وإن كانا من الأنصار، إلا أنهما جاءا معه - صلى الله عليه وسلم -، فكانا تابعين له، فكأن الذين قتلوه هم قومه.