للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

باب الإخبار بالغيب، أو يكون ذلك على جهة الدعاء عليهم، أو على جهة التفاؤل لَمّا رآهم خرجوا بمساحيهم، ومَكاتِلهم؟ وذلك من آلات الهدم، ويجوز أن يكون أَخذه من اسمها، وقيل: إن الله تعالى أعلمه بذلك (١). (إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْم) قال الجوهريّ: ساحة الدار: ناحيتها، والجمع: ساحاتٌ، وسُوحٌ، وسًاحٌ أيضًا، مثلُ بَدَنة وبُدْن، وخَشَبة وخَشَب، فأصل ساحة: سَوَحَةٌ، قُلبت الواو ألفًا؛ لتحرّكها، وانفتاح ما قبلها، وأصل الساحة: الفضاء بين المنازل، ويُطْلَق على الناحية، والجهة والبناء (٢).

(فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ")؛ أي: بئس وقت القوم المنذَرين، و"صباحُ" فاعل "ساء"، والمخصوص بالذم محذوف؛ أي: صباحهم، ويَحْتَمِل أن يكون "صباحُ" مخصوصًا بالذّمّ، والفاعل ضمير يعود إليه، والتمييز مقدرٌ؛ أي: ساء هو؛ أي: صباحُهُم صباحًا، وقال البيضاوي في "تفسيره أي: فبئس صباحُ المنذرين صباحهم، واللام للجنس، والصباح مستعار من صباح الجيش المُبَيّتِ لوقت نزول العذاب، ولمّا كثر الهجوم، والغارة في الصباح سَمّوا الغارة: صباحًا، وإن كان في وقت آخر. انتهى.

وإنما قال: اللام للجنس؛ لأن ما بعد "بئس"، و"نعم" يُشترط أن يكون شائعًا، ليكون فيه التفسير بعد الإبهام، والتفصيل بعد الإجمال، فلو كان "ساء بمعنى: قَبُحَ جاز كونها للعهد، أفاده الشهاب الخفاجيّ في "حاشيته" (٣).

وفيه إقامة الظاهر مقام المُضْمَر؛ إذ الظاهر أن يقول: صباحهم؛ إيذانًا بكونهم مُنذَرِين، من قبلُ؛ أي: بَلَغَتْهم دعوته، فعاندوا، فاستحقوا الإغارة عليهم، أفاده سليمان الجمل في "حاشيته على الجلالين" (٤).

(قَالَهَا)؛ أي: قال هذه الْجُمَل (ثَلَاثَ مِرَارٍ، قَالَ: وَقَدْ خَرَجَ الْقَوْمُ)؛ أي: اليهود (إِلَى أَعْمَالِهِمْ)؛ أي: مواضع أعمالهم، أو خرجوا لأعمالهم التي كانوا


(١) راجع: "عمدة القاري" ٤/ ٨٥.
(٢) راجع: "عمدة القاري" ٤/ ٨٥.
(٣) راجع: "حاشية الشهاب الخفاجيّ على البيضاويّ" ٧/ ٢٩٢.
(٤) راجع: "حاشية الجمل على الجلالين" ٣/ ٥٥٩.