للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إسناده، عن زُرْعة بن عبد الرحمن بن جَرْهد، عن أبيه، قال: كان جرهد هذا من أصحاب الصفة، قال: جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندنا، وفخذي منكشفة، فقال: "أما علمت أن الفخذ عورة؟ ".

والحاصل أن كون الفخذ من العورة هو الأحوط؛ فتنبّه، والله تعالى أعلم.

٩ - (ومنها): جواز الاستشهاد في مثل هذا السياق بالقرآن في الأمور المحققة، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين"، وقد جاء لهذا نظائر كثيرة كما سبق قريبًا في فتح مكة أنه - صلى الله عليه وسلم - جَعَل يطعن في الأصنام، ويقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ}، {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ}، قال العلماء: يُكره من ذلك ما كان على ضرب الأمثال في المحاورات، والمزاح، ولغو الحديث، فيُكره في كل ذلك؛ تعظيمًا لكتاب الله تعالى، قاله النوويّ (١).

١٠ - (ومنها): (أن قوله: "وأصبناها عَنْوة") ظاهره أنها كلَّها فُتحت عنوة، وقد رَوى مالك، عن ابن شهاب: أن بعضها فتح عَنوةً، وبعضها صلحًا، قال المازريّ: وقد يُشكل ما رُوي في "سنن أبي داود": أنه - صلى الله عليه وسلم - قسمها نصفين: نصفًا لنوائبه، وحاجته، ونصفًا للمسلمين.

قال: وجوابه ما قال بعضهم: إنه كان حولها ضَيَاع، وقُرًى أُجلي عنها أهلها، فكانت خالصةً للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وما سواها للغانمين، فكان قَدْر الذي أُجلي عنه أهله النصف، فلهذا قُسم فصفين. انتهى (٢).

١١ - (ومنها): ما قال القاضي عياض رحمه الله: في هذا الحديث أن الإغارة على العدوّ يُستحب كونها أول النهار عند الصبح؛ لأنه وقت غِرّتهم، وغفلة أكثرهم، ثم يضيء لهم النهار لما يحتاج إليه، بخلاف مُلاقاة الجيوش، ومصاففتهم، ومناصبة الحصون، فإن هذا يُستحب كونه بعد الزوال؛ ليدوم النشاط ببرد الوقت، بخلاف ضده. انتهى (٣)، والله تعالى أعلم.


(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٦٤.
(٢) "إكمال المعلم" ٦/ ١٨٠.
(٣) "إكمال المعلم" ٦/ ١٧٩.