للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

له، يا نبي الله، لولا ما متعتنا بعامر"، وفي حديث نصر بن دهر، عند ابن إسحاق: "فقال عمر: وجبت يا رسول الله".

(وَجَبَتْ)؛ أي: الشهادة (يَا رَسُولَ الله، لَوْلَا)؛ أي: هلّا (أَمْتَعْتَنَا بِهِ)؛ أي: أمتعتنا ببقائه؛ أي: أبقيته لنا لنتمتع به؛ أي: بشجاعته، والتمتع: الترفُّه إلى مدّة، ومنه: أمتعني الله ببقائك (١).

وقال النوويّ رحمه الله: معنى "وجبت أي: ثبتت له الشهادة، وسيقع قريبًا، وكان هذا معلومًا عندهم أن من دعا له النبيّ - صلى الله عليه وسلم - هذا الدعاء في هذا الموطن استُشْهِد، فقالوا: هلّا أمتعتنا به؛ أي: وَدِدْنا أنك لو أخرت الدعاء له بهذا إلى وقت آخر؛ لنتمتع بمصاحبته، ورؤيته مدةً. انتهى (٢).

(قَالَ) سلمة - رضي الله عنه - (فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ، فَحَصَرْنَاهُمْ) من باب نصر؛ أي: أحطنا بهم، ومنعناهم من المضيّ لحوائجهم، يقال: حصره العدوّ في منزله: إذا حبسه، وأحصره المرض بالألف: إذا منعه من السفر، قال الفرّاء: هذا هو كلام العرب، وعليه أهل اللغة، وقال ابن القُوطيّة، وأبو عمرو الشيبانيّ: حَصَره العدوّ والمرض، وأحصره كلاهما بمعنى حبسه، ذكره الفيّومي (٣)، وقوله: (حَتَّى أَصَابَتْنَا) غاية لمقدّر؛ أي: وطال الحصار حتى أصابتنا (مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ) - بفتح الميمين، بينهما خاء معجمة ساكنة -؛ أي: مجاعة، يقال: خَمُصَ الشخص خُمْصًا، فهو خَمِيصٌ: مثلُ قَرُبَ قرْبًا، فهو قَرِيبٌ: إذا جاع (٤). (ثُمَّ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("إِنَّ اللهَ فَتَحَهَا)؛ أي: خيبر (عَلَيْكُمْ") أيها المحاصرون لها، والمنتظرون لفتحها، والظاهر أن هذا منه - صلى الله عليه وسلم - بالوحي، ووقع في بعض النسخ: "إن الله فتحها عليهم" بضمير الغيبة. (قَالَ) سلمة - رضي الله عنه - (فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ)؛ أي: دخلوا في المساء، (مَسَاءَ الْيَوْم الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ) ببناء الفعل للمفعول، (أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا هَذِهِ النِّيرَانُ؟ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ؟ فَقَالُوا: عَلَى لَحْمٍ، قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("أَيُّ لَحْمٍ؟ "، قَالُوا: لَحْمُ حُمُرِ


(١) "الفتح" ٩/ ٢٩٧ - ٢٩٨.
(٢) شرح النوويّ" ١٢/ ١٦٧.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ١٣٨.
(٤) "المصباح المنير" ١/ ١٨٢.