للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الإِنْسِيَّةِ) (١)، وفي بعض النسخ: "حُمُر إنسيّةٍ" بالتنكير، و"الحُمُرُ" بضمّتين: جمع حِمَار، و"الإنسيّة" - بكسر الهمزة، وسكون النون، وبفتحهما - وهو من باب إضافة الموصوف إلى صفته (٢).

وقال النوويّ رحمه الله: قوله "لحم حُمُر الإنسية": هكذا هو "حُمُر الإنسية" بإضافة "حُمُر"، وهو من إضافة الموصوف إلى صفته، وسبق بيانه مرّات، فعلى قول الكوفيين هو على ظاهره، وعند البصريين تقديره: حُمُر الحيوانات الإنسية، وأما "الأنسية": ففيها لغتان، وروايتان، حكاهما القاضي عياض، وآخرون، أشهرهما كسر الهمزة، وإسكان النون، قال القاضي: هذه رواية أكثر الشيوخ، والثانية: فتحهما جميعًا، وهما جميعًا نسبة إلى الإنس، وهم الناس؛ لاختلاطها بالناس، بخلاف حُمُر الوحش. انتهى (٣).

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَهْرِيقُوهَا) فعل من أهرق، وأصله: أراق، قال الفيّوميّ رحمه الله: رَاقَ الماءُ، والدمُ وغيره، رَيْقًا، من باب باع: انصَبّ، ويتعدى بالهمزة، فيقال: أَرَاقَهُ صاحبه، والفاعل مُرِيقٌ، والمفعول مُرَاقٌ، وتُبدل الهمزة هاءً، فيقال: هَرَاقَهُ، والأصل هَرْيَقَهُ، وزانُ دَحْرَجَهُ، ولهذا تُفْتَحُ الهاءُ من المضارع، فيقال: يُهَرِيقُهُ، كما تُفْتَح الدال من يُدَحْرِجُهُ، وتُفتح من الفاعل، والمفعول أيضًا، فيقال: مُهَرِيقٌ، ومُهَرَاقٌ، قال امرؤ القيس [من الطويل]:

وَإِنَّ شِفَائِي عَبْرَةٌ مُهَرَاقَةٌ … فَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ

والأمر: هَرِقْ ماءَكَ، والأصل: هَرْيِقْ، وزانُ دَحْرِجْ، وقد يُجْمَعُ بين الهاء والهمزة، فيقال: أَهْرَاقَهُ يُهْرِيقُهُ، ساكنُ الهاء؛ تشبيهًا له بأَسْطاع يُسْطِيع؛ كأن الهمزة زِيدت عوضًا عن حركة الياء في الأصل، ولهذا لا يصير الفعل بهذه الزيادة خماسيًّا، و"دَعَا بِذَنُوبٍ، فَأُهْرِقَ"، ساكنُ الهاء، وفي "التهذيب": مَن قال: أَهْرَقْتُ، فهو خَطَأٌ في القياس، ومنهم من يَجعل الهاء كأنها أصلٌ، ويقول: هَرَقْتُهُ هَرْقًا، من باب نَفَعَ، وفي الحديث: "أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهْرَاقُ الدِّمَاءَ"، بالبناء للمفعول، و"الدماءَ" نصب على التمييز، ويجوز الرفع على


(١) وفي نسخة: "حمرٍ إنسيّة".
(٢) "عمدة القاري" ٢٢/ ١٨٤.
(٣) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٦٧ - ١٦٨.