للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إسناد الفعل إليها، والأصلُ: تُهْرَاقُ دماؤها، لكن جُعِلت الألفُ واللامُ بدلًا عن الإضافة؛ كقوله تعالى: {عُقْدَةَ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٥]؛ أي: نكاحها. انتهى (١).

(وَاكْسِرُوهَا")؛ أي: اكسروا القُدُور التي تُطبخ بها، قال النوويّ رحمه الله: هذا يدلّ على نجاسة لحوم الحمر الأهلية، وهو مذهبنا، ومذهب الجمهور، وقد سبق بيان هذا الحديث وشرحه مع بيان هذه المسألة في "كتاب النكاح"، ومختصر الأمر بإراقته أن السبب الصحيح فيه أنه أمر بإراقتها؛ لأنها نجسة محرّمة، والثاني: أنه نَهَى للحاجة إليها، والثالث: لأنها أخذوها قبل القسمة، وهذان التأويلان هما لأصحاب مالك القائلين بإباحة لحومها، والصواب ما قدمنا. انتهى (٢).

(فَقَالَ رَجُلٌ) لم يُعرف اسمه، وأما قول صاحب "التنبيه" (٣) نقلًا عن شيخه: يَحْتَمِل أن يكون عُمَر، فلم يذكر له مستنَدًا، والله تعالى أعلم.

(أوْ يُهْرِيقُوهَا، وَيَغْسِلُوهَا؟)؛ يعني: أنهم يكتفون بالإهراق، والغسل؛ أي: بدلًا من الكسر.

[تنبيه]: قوله: "أو يهريقوها … إلخ" هكذا رواية المصنّف بالجزم؛ أي: أو ليُهريقوها، ويغسلوها، فالفعل مجزوم بلام الأمر المحذوفة عند القائلين بجواز حذفها مطّردًا في نحو قوله: قل له يفعل؛ أي: ليفعل، وقولِ الشاعر [من الوافر]:

مُحَمَّدُ تَفْدِ نَفْسَكَ كُلُّ نَفْسٍ … إِذَا مَا خِفْتَ مِنْ أَمْرٍ تَبَالَا

أي: لِتَفْد، وجعلوا منه قوله تعالى: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا} [إبراهيم: ٣١]، وجعل ابن هشام حذف لام الأمر مختصًّا بالشعر؛ كالبيت المذكور.

ويَحْتَمل أن يكون مجزومًا؛ لوقوعه في جواب أمر محذوف، تقديره: أو قل لهم: أهريقوها، واغسلوها يهريقوها، ويغسلوها، ويَحْتَمِل أن يكون جواب شرط محذوف؛ أي: إن تقل لهم: أهريقوها يهريقوها … إلخ (٤)، والله تعالى أعلم.


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٤٨.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٦٨.
(٣) راجع: "تنبيه المعلم" ص ٣١٥.
(٤) راجع: "مغني اللبيب" ٢/ ٤٢٢.