للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("أَوْ ذَاكَ" أي: أوْ تفعلون ذاك؛ أي: الإهراق، والغسل، قال النوويّ رحمه الله: هذا محمول على أنه - صلى الله عليه وسلم - اجتَهَد في ذلك، فرأى كسرها، ثم تغيّر اجتهاده، أو أُوحي إليه بغسلها. انتهى (١).

(قَالَ) سلمة: (فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ)؛ أي: المسلمون والكفّار؛ يعني: أنهم وقفوا مصطفّين للقتال، (كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ)؛ أي: ابن الأكوع، (فِيهِ قِصَرٌ) - بكسر القاف، وفتح الصاد المهملة، آخره راء -؛ أي: ليس طويلًا، يقال: قَصُرَ الشيءُ بالضمّ قِصَرًا وِزانُ عِنَبٍ: خلاف طال، فهو قَصِيرٌ، والجمعُ قِصَارٌ، ويتعدّى بالتضعيف، فيقال: قَصَّرتُهُ، وعليه قوله تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: ٢٧]، وفي لغة: قَصَرْتُهُ، من باب قَتَلَ (٢). (فَتَنَاوَلَ)؛ أي: أراد أن يُصيب (بِهِ)؛ أي: بذلك السيف القصير، (سَاقَ يَهُودِيٍّ) هو مَرْحِب رئيس أهل خيبر، (لِيَضْرِبَهُ)، وفي رواية البخاريّ: "وكان سيف عامر قصيرًا، فتناول به ساق يهوديّ ليضربه"، وفي رواية إياس بن سلمة الآتية: "فلما قَدِمنا خيبر خرج ملكهم مَرْحِب يَخْطِر بسيفه (٣)، يقول [من الرجز]:

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ … شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ

إَذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ

قال: فبرز إليه عامرٌ، فقال:

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرُ … شَاكِي السِّلَاحِ بَطَل مُغَامِرُ

فاختلفا ضربتين، فوقع سيف مرحب في تُرْس عامر، فصار عامر يَسْفُل له؛ أي: يضربه من أسفلُ، فرجع سيفه - أي: سيف عامر - على نفسه".

(وَيَرْجِعُ) الواو عاطفة، و"يرجع" بمعنى "رجَعَ"، كما وقع في بعض النسخ، وكما هو لفظ رواية البخاريّ، وإنما عَدَل هنا إلى صيغة المضارع؛ قصدًا إلى حكاية الحال؛ كأنه تخيّل ما وقع في الزمن الماضي من رجوع ذُباب السيف يقع في الحال، فعبّر عنه بلفظ المضارع، ويصحّ أن تكون الواو حاليّةً، وحينئذ تكون داخلةً على محذوف، تقديره: وذباب سيفه يرجع؛ لأنه يمتنع


(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٦٨.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٠٥.
(٣) أي: يرفعه مرّةً، ويضعه أخرى.