للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣ - (ومنها): أن عثّامًا، والد عليّ، وسُعيرًا، وأباه الْخِمس لا يُعرف لهم نظير في الأسماء.

٤ - (ومنها): أن فيه - على ما قاله النوويّ - ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض: مغيرة، وإبراهيم، وعلقمة، وفي كون مغيرة تابعيًّا نظر؛ لأنه لم يلق صحابيًّا، ولذا جعله في "التقريب" من الطبقة السادسة، وهي التي عاصرت، وليس لها لقاء، إلا على قول من يكتفي بالمعاصرة، فتأمل، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ عَبْدِ اللهِ) بن مسعود - رضي الله عنه - أنه (قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -) لم يُعرف السائل، كما قاله صاحب "التنبيه" (عَنِ الْوَسْوَسَةِ) أي عن حكمها، فهل تضرّ بالإيمان أم لا؟ (قَالَ: "تِلْكَ) أي الوسوسة (مَحْضُ الايمَانِ") أي استعظامكم لها، وشدّة خوفكم منها، ومن التكلّم بها خالص الإيمان؛ فإن استعظام مثل هذا، وشِدّة الخوف منه، ومن النطق به، فضلًا عن اعتقاده، إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالًا محققًا، وانتفت عنه الرِّيبة والشكوك.

وهذه الرواية، وإن لم يكن فيها ذكر الاستعظام، فهو مراد، وهي مختصرة من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الماضي، ولهذا قَدَّم المصنّف ذاك، قاله النوويّ.

وقال الخطابيّ: معناه: أن صريح الإيمان هو الذي يمنعكم من قبول ما يُلقيه الشيطان في أنفسكم، والتصديق به، وليس معناه أن الوسوسة نفسها صريح الإيمان، وذلك أنها إنما تتولّد من فعل الشيطان، وتسويله، فكيف يكون إيمانًا صريحًا؟. انتهى.

وقيل: معناه أن الشيطان إنما يوسوس لمن أَيِسَ من إغوائه، فيُنَكِّد عليه بالوسوسة؛ لعجزه عن إغوائه، وأما الكافر، فإنه يأتيه من حيث شاء، ولا يقتصر في حقه على الوسوسة، بل يتلاعب به كيف أراد، فعلى هذا معنى الحديث: سببُ الوسوسة محض الإيمان، أو الوسوسةُ علامةُ محض الإيمان، وهذا القول اختيار القاضي عياض، وقد تقدّم تحقيقه مستوفًى في شرح حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.