أنه من خماسيّات المصنّف رحمه الله، وأنه مسلسلٌ بالبصريين إلى شعبة، والباقيان كوفيّان، وأن شيخيه كلاهما من التسعة الذين اتفق أصحاب الكتب الستّة بالرواية عنهم بلا واسطة، وقد تقدّموا غير مرّة.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ) عمرو بن عبد الله السَّبِيعيّ، أنه (قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ) - رضي الله عنه - (قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الأَحْزَابِ)؛ أي: يوم تجمّع الأحزاب، كما أخبر الله عز وجل به بقوله:{إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} الآية [الأحزاب: ١٠]، قالت عائشة - رضي الله عنها -: كان ذلك يوم الخندق.
وأخرج ابن مردويه من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ} قال: عيينة بن حِصْن، {وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} أبو سفيان بن حرب.
وبَيَّن ابن إسحاق في "المغازي" صفة نزولهم، قال: نزلت قريش بِمُجْتَمَع السيول في عشرة آلاف من أحابيشهم، ومن تبعهم من بني كنانة، وتهامة، ونزل عيينة في غَطَفان، ومن معهم من أهل نجد إلى جانب أُحُد، بباب نعمان، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمسلمون حتى جعلوا ظهورهم إلى سَلْع، في ثلاثة آلاف، والخندق بينه وبين القوم، وجعل النساء والذراريّ في الآطام، قال: وتوجه حُيَيّ بن أخطب إلى بني قُريظة، فلم يزل بهم، حتى غَدَروا، وبلغ المسلمين غَدْرُهم، فاشتد بهم البلاء، فأراد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يعطي عيينة بن حِصْن، ومن معه ثلث ثمار المدينة، على أن يرجعوا، فمنعه من ذلك سعد بن معاذ، وسعد بن عُبادة، وقالا: كنا نحن وَهُمْ على الشرك لا يطمعون منا في شيء من ذلك، فكيف نفعله بعد أن أكرمنا الله عز وجل بالإسلام؟ وأعزَّنا بك، نعطيهم أموالنا؟، ما لنا بهذا من حاجة، ولا نعطيهم إلا السيف، فاشتد بالمسلمين الحصار، حتى تكلم مُعَتِّب بن قُشير، وأوس بن قَيْظِيّ، وغيرهما من المنافقين بالنفاق، وأنزل الله تعالى: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (١٢)} الآيات [الأحزاب: ١٢]، قال: وكان الذين