للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جاءوهم من فوقهم: بنو قريظة، ومن أسفل منهم: قريش، وغطفان، قال ابن إسحاق في روايته: ولم يقع بينهم حرب، إلا مُراماة بالنبل، لكن كان عمرو بن عَبْد وَدّ العامريّ اقتحم هو ونَفَر معه خيولهم، من ناحية ضَيِّقة من الخندق، حتى صاروا بالسَّبَخَة، فبارزه عليّ، فقتله، وبرز نوفل بن عبد الله بن المغيرة المخزوميّ، فبارزه الزبير، فقتله، ويقال: قتله عليّ، ورجعت بقية الخيول منهزمةً.

ورَوَى البيهقيّ في "الدلائل" من طريق زيد بن أسلم، أن رجلًا قال لحذيفة: أدركتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم ندركه، فقال: يا ابن أخي، والله لا تدري، لو أدركته، كيف تكون؟ لقد رأيتنا ليلة الخندق، في ليلة باردة مطيرة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من يذهبُ، فيَعْلَم لنا علم القوم، جعله الله رفيق إبراهيم يوم القيامة؟ "، فوالله ما قام أحدٌ، فقال لنا الثانية: "جعله الله رفيقي"، فلم يَقُم أحد، فقال أبو بكر: ابعث حذيفة، فقال: "اذهب"، فقلت: أخشى أن أُؤسَرَ، قال: "إنك لن تؤسر"، فذكر أنه انطلق، وأنهم تجادلوا، "وبَعَث الله عليهم الريح، فما تَرَكَتْ لهم بناء إلا هدمته، ولا إناء إلا أكفأته"، وقد تقدّم حديث حذيفة - رضي الله عنه - هذا عند مسلم قبل سبعة أبواب برقم [٣٤/ ٤٦٣١] (١٧٨٨).

ومن طريق عمرو بن سَرِيع بن حذيفة نحوه، وفيه أن علقمة بن عُلاثة صار يقول: يا آل عامر إن الريح قاتلتي، وتحملت قريش، وإن الريح لَتَغْلبهم على بعض أمتعتهم.

وروى الحاكم من طريق عبد العزيز بن أخي حذيفة، عن أبي حذيفة، قال: لقد رأيتنا ليلة الأحزاب، وأبو سفيان، ومن معه من فوقنا، وقريظة أسفل منا، نخافهم على ذرارينا، وما أتت علينا ليلة أشدّ ظلمةً، ولا ريحًا منها، فجعل المنافقون يستأذنون، ويقولون: {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ}، فمرّ بني النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأنا جاثٍ على ركبتيّ، ولم يبق معه إلا ثلاثمائة، فقال: "اذهب، فأتني بخبر القوم"، قال: فدعا لي، فأذهب الله عني الْقُرّ، والفزع، فدخلت عسكرهم، فإذا الريح فيه لا تجاوزه شبرًا، فلما رجعت رأيت فوارس في طريقي، فقالوا: أخبر صاحبك أن الله عز وجل كفاه القوم (١).


(١) راجع: "الفتح" ٩/ ١٩٤ - ١٩٥، كتاب "المغازي" رقم (٤١٠٦).