للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْمَاء، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ)، وللبخاريّ: "فأقبلت أرميهم"؛ أي: أقبلت عليهم، أرميهم، (بِنَبْلِي) بفتح، فسكون: هي السهام العربيّة، وهي مؤنّثةٌ، ولا واحد لها من لفظها، بل الواحد سهم، فهي مفردة اللفظ، مجموعة المعنى (١). (وَكُنْتُ رَامِيًا)؛ أي: مُجيدًا للرمي، وحاذقًا فيه، (وَأقُولُ) جملة حاليّة من "أرميهم"، (أَنَا ابْنُ الأَكْوَع، وَالْيَوْمَ يَوْمُ الرُّضَّعِ) - بضم الراء، وتشديد الضاد المعجمة -: جمع راضع، وهو اللئيم، فمعناه: اليومُ يوم اللئام؛ أي: اليوم يوم هلاك اللئام، والأصل فيه أن شخصًا كان شديد البخل، فكان إذا أراد حلب ناقته، ارتضع من ثديها؛ لئلا يَحْلُبها، فيسمعَ جيرانه، أو مَن يَمُرّ به صوتَ الحلب، فيطلبون منه اللبن، وقيل: بل صنع ذلك؛ لئلا يتبدد من اللبن شيء، إذا حلب في الإناء، أو يبقى في الإناء شيء، إذا شربه منه، فقالوا في المثل: "ألأم من راضع"، وقيل: بل معنى المَثَل: ارتضع اللؤمَ من بطن أمه، وقيل: كلُّ من كان يوسف باللؤم يوسف بالمصّ، والرَّضاع، وقيل: المراد من يَمُصّ طرف الخلال، إذا خَلَّلَ أسنانه، وهو دال على شدّة الحرص، وقيل: هو الراعي الذي لا يَستصحب مِحْلَبًا، فإذا جاءه الضيف اعتذر بأن لا مِحْلَب معه، وإذا أراد أن يشرب ارتضع ثديها.

وقال أبو عمرو الشيبانيّ: هو الذي يرتضع الشاة، أو الناقة عند إرادة الحلب، من شدة الشرَه، وقيل: أصله الشاة تَرضع لبن شاتين من شدّة الجوع، وقيل: معناه: اليومُ يُعرَف من ارتضع كريمةً، فانجبته، ولئيمةً فَهَجَّنته، وقيل: معناه: اليوم يعرف من أرضعته الحرب من صغره، وتَدَرّب بها من غيره.

وقال الداوديّ: معناه: هذا يومٌ شديدٌ عليكم، تفارِق فيه المرضعة من أرضعته، فلا تجد من ترضعه.

وقال السهيليّ: قوله: "اليومُ يومُ الرُّضَّع" يجوز الرفع فيهما، ونَصْب الأول، ورَفْع الثاني على جعل الأول ظرفًا، قال: وهو جائز إذا كان الظرف واسعًا، ولا يضيق على الثاني، قال: وقال أهل اللغة: يقال في اللؤم: رَضَع - بالفتح - يرضُع - بالضم - رضاعةً، لا غير، ورَضِعَ الصبيّ - بالكسر - ثدي


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٥٩١.