للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: لم يذكر بعض الفضلاء مستنده، فهو محلّ نظر، والله تعالى أعلم.

(جَزُورًا) - بفتح الجيم -: هو البعير، أو خاصّ بالناقة المجزورة، كما تقدّم بيانه. (فَلَمَّا كشَفُوا)؛ أي: سلخوا (جِلْدَهَا)؛ أي: جلد تلك الجزور، (رَأَوْا غُبَارًا، فَقَالُوا: أَتَاكُمُ الْقَوْمُ) يعنون المسلمين، النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه - رضي الله عنهم -، (فَخَرَجُوا هَارِبِينَ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "كَانَ خَيْرَ فُرْسَانِنَا) بالضمّ: جمع فارس، (الْيَوْمَ أَبُو قَتَادَةَ) الحارث بن رِبْعيّ - رضي الله عنه -، (وَخَيْرَ رَجَّالَتِنَا) بفتح الراء، وتشديد الجيم: جمع راجل، وهو خلاف الفارس، (سَلَمَةُ) بن الأكوع - رضي الله عنه -، قال النوويّ رحمهُ اللهُ: وفيه استحباب الثناء على الشجعان، وسائر أهل الفضائل؛ لِمَا فيه من الترغيب لهم، ولغيرهم في الإكثار من ذلك الجميل، وهذا كلّه في حقّ من تُؤْمَن الفتنة عليه بإعجاب ونحوه. انتهى (١).

(قَالَ) سلمة (ثُمَّ أَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سَهْمَيْنِ: سَهْمُ الْفَارِس، وَسَهْمُ الرَّاجِل، فَجَمَعَهُمَا لِي جَمِيعًا) قال النوويّ رحمهُ اللهُ: هذا محمول على أن الزائد على سهم الراجل كان نَفَلًا، وهو - رضي الله عنه - حقيقٌ باستحقاق النّفَل؛ لبديع ما صنعه في هذه الغزوة (٢).

وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: أما سهم الرَّاجل فهو حقُّه، وأما سهم الفارس فإنما أعطاه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إيَّاه؛ لشدَّة غَنَائه، ولأنه هو الذي استنقذ تلك الغنائم، وهو الذي تَنَزَّل منزلة الجيش فيما فَعَل، ولم يُسمع بمن فَعَل مثل فِعله في تلك الغزاة، ثم لعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إنما أعطاه سهم الفارس من الخمس، فإن كان أعطاه من الغنيمة، فذلك خصوص به؛ لخصوص فِعله. انتهى (٣).

وقال بعض المحقّقين: أما سهم الراجل، فهو حقّه، وأما سهم الفارس، فهو شيء نفّله النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إياه؛ لحسن بلائه، والتنفيل: تخصيص الإمام من له أثرٌ في الحرب بشيء من المال زيادةً على سهمه، وقد اختَلَفَ العلماء فيه، فقال بعضهم: يُعطى النفل من أصل الغنيمة، وقال آخرون: بل من الخُمس،


(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٨٢.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٨٢.
(٣) "المفهم" ٣/ ٦٧٨.