للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقيل: من خمس الخمس، وقيل: مما عدا الخمس، ونَقَل الزقانيّ! عن الشافعيّ أنه قال بتفويضه لرأي الإمام، يَعمَل بما يرى فيه المصلحة؛ لإطلاق قوله تعالى: {قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} الآية [الأنفال: ١]. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى أن ما قاله الإمام الشافعي رحمهُ اللهُ هو الأقرب؛ لظهور حجته، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

(ثُمَّ أَرْدَفَنِي)؛ أي: أركبني (رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَاءَهُ عَلَى الْعَضْبَاءِ) اسم ناقة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأصل العضباء: هي الناقة المشقوقة الأذن، وليست ناقته - صلى الله عليه وسلم - كذلك، وإنما هذا لَقَبُها؛ لنجابتها، لا لشفها، فتنبّه. (رَاجِعِينَ)؛ أي: حال كوننا راجعين (إِلَى الْمَدِينَةِ) النبويّة. (قَالَ) سلمة - رضي الله عنه - (فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ، قَالَ) سلمة (وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ) لا يُعرف اسمه (٢)، (لَا يُسْبَقُ) بالبناء للمفعول؛ أي: لا يسبقه أحد من الناس (شَدًّا)؛ أي: عَدْوًا على الرجلين؛ يعني: أنه كان شديد الجري بحيث لا يسبقه أحدٌ في العدو. (قَالَ) سلمة (فَجَعَلَ)؛ أي: شَرَع، وأخذ ذلك الرجل (يَقُولُ: أَلَا مُسَابِقٌ إِلَى الْمَدِينَةِ؟) قال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: قيّدنا "ألا" مفتوحًا بغير تنوين؛ لأنها "لا" التي للنفي، والتبرئة، زيدت عليها همزة الاستفهام، وأُشربت معنى التمني؛ كما قالوا: ألا سيفَ صارمٌ، ألا ماءَ باردٌ؛ بغير تنوين على ما حكاه سيبويه، وأنشد [من الطويل]:

ألا طِعَانَ، ألا فُرْسانَ عادِيَةً … إِلَّا تجشُّؤُكُمْ حَوْلَ التَّنانِيرِ (٣)

ويجوز الرفعُ على أن تكون "ألا" استفتاحًا، ويكون "مسابقٌ" مبتدأ خبره محذوف، تقديره: ألَا هنا مسابق، أو نحوه. انتهى (٤).

قال الجامع عفا الله عنه: "ألا" في البيت المذكور للتوبيخ والإنكار، وَيحْتَمِلُ أن تكون "ألا" هنا للتمنّي، على حدّ قول الشاعر [من الطويل]:


(١) من هامش التركيّة ٥/ ١٩٤.
(٢) "تنبيه المعلم" ص ٣١٨.
(٣) "الطعان": الضرب بالرمح، و"الفرسان العادية": كثيرو العدو، سريعوه، والتجشؤ: صوت يصدر عن امتلاء المعدة، والتنانير: جمع تنوّر، وهو الموقد الذي يُخبز فيه.
(٤) "المفهم" ٣/ ٦٧٨ - ٦٧٩.