خرجنا إلى خيبر، قال: ويؤيده أن ابن إسحاق ذكر أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أغزى إليها عبد الله بن رواحة قبل فتحها مرتين. انتهى.
قال الحافظ: وسياق الحديث يأبى هذا الجمع، فإن فيه بعد قوله:"حين خرجنا إلى خيبر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -": "فجعل عامر يرتجز بالقول"، وفيه قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "من السائق؟ "، وفيه مبارزة عليّ لمرحب، وقَتْل عامر، وغير ذلك، مما وقع في غزوة خيبر حين خرج إليها النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فعلى هذا ما في "الصحيح" من التاريخ لغزوة ذي قرد أصح مما ذكره أهل السِّير.
ويَحْتَمِل في طريق الجمع أن تكون إغارة عيينة بن حصن على اللقاح، وقعت مرتين: الأولى التي ذكرها ابن إسحاق، وهي قبل الحديبية، والثانية بعد الحديبية، قبل الخروج إلى خيبر، وكان رأس الذين أغاروا عبد الرحمن بن عيينة، كما في سياق سلمة عند مسلم، ويؤيده أن الحاكم ذكر في "الإكليل" أن الخروج إلى ذي قرد تكرر، ففي الأُولى خرج إليها زيد بن حارثة قبل أُحد، وفي الثانية خرج إليها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في ربيع الآخر، سنة خمس، والثالثة هذه المختلف فيها. انتهى. قال الحافظ رحمهُ اللهُ: فإذا ثبت هذا قَوِي هذا الجمع الذي ذكرته، والله أعلم. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما حققه الحافظ رحمهُ اللهُ أنه لا وَهَمَ فيما وقع في "صحيح مسلم"، من قوله:"ما لبثنا إلا ثلاث ليال"، وكذا فيما ذكره البخاريّ في كلامه السابق:"قبل خيبر بثلاث"، ولا اعتراض على ذلك بما ذكره أهل السِّيَر؛ لأن ما في "الصحيح" أصحّ، وأثبت مما ذكروه؛ لأنهم لا يتحاشون عن ذكر الضعيف، بل المنكَر؛ لأن قَصْدَهم ذِكْر كلّ ما قيل، وإن لم يصحّ، كما نبّه عليه الحافظ العراقيّ رحمهُ اللهُ في "ألفيّة السِّيَر" حيث قال: