للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وبعض المحرَّم، وخرج في بقيةٍ منه إلى خيبر، هكذا ذكره أبو عمر بن عبد البرّ وغيره، ولا يكادون يختلفون في ذلك، وهذا الذي وقع في هذا الحديث وَهَمٌ من بعض الرُّواة.

ويَحْتَمِل أن يكون النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أغزى سَرِيّة فيهم سلمة إلى خيبر قبل فتحها، فأخبر سلمة عن نفسه، وعمن خرج معه، وقد ذكر ابن إسحاق في كتاب "المغازي" له: أنه - صلى الله عليه وسلم - أغزى إليها عبد الله بن رواحة قبل فتحها مرتين، والله أعلم. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الاحتمال الأخير يُبعده قول سلمة - رضي الله عنه -: "حتى خرجنا إلى خيبر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، فقد نصّ على أنه - صلى الله عليه وسلم - خرج إليها، فلا يناسب حمله على أنه أغزى إليها سريّة، فتأمله بالإمعان، والله تعالى أعلم.

ثم رأيت الحافظ قد بحث في المسألة، فقال - عند البخاريّ رحمهُ اللهُ: "باب غزوة ذات الْقَرَد، وهي الغزوة التي أغاروا على لقاح النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قبل خيبر بثلاث" - ما نصّه: قوله: "وهي الغزوة التي أغاروا فيها على لقاح النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قبل خيبر بثلاث" - كذا جزم به، ومُستنَده في ذلك حديث إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه، فإنه قال في آخر الحديث الطويل الذي أخرجه مسلم من طريقه: "قال: فرجعنا - أي: من الغزوة - إلى المدينة، فوالله ما لَبِثنا بالمدينة إلا ثلاث ليال، حتى خرجنا إلى خيبر"، وأما ابن سعد فقال: كانت غزوة ذي قرد في ربيع الأول سنة ست، قبل الحديبية، وقيل: في جمادى الأولى، وعن ابن إسحاق: في شعبان منها، فإنه قال: كانت بنو لحيان في شعبان سنة ستّ، فلما رجع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، فلم يُقِم بها إلا ليالي، حتى أغار عُيينة بن حِصْن على لقاحه، قال القرطبيّ شارح مسلم في الكلام على حديث سلمة بن الأكوع: لا يَختلف أهل السير أن غزوة ذي قرد كانت قبل الحديبية، فيكون ما وقع في حديث سلمة من وَهَمِ بعض الرواة، قال: ويَحْتمل أن يُجْمَع بأن يقال: يَحْتَمِل أن يكون النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان أغزى سريّةً، فيهم سلمة بن الأكوع إلى خيبر قبل فتحها، فأخبر سلمة عن نفسه، وعمن خرج معه؛ يعني: حيث قال:


(١) "المفهم" ٣/ ٦٨٠.