للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الفتح يعني به التنفّس، يريد أنه رَفَقَ في جريه؛ مخافة ضيق النفس، وبالسكون يعني به: أُرَوِّح نفسي، وأُجمّها لجري آخر. انتهى (١).

(ثُمَّ عَدَوْتُ)؛ أي: أسرعت (فِي إِثْرِهِ) بكسر، فسكون، أو بفتحتين؛ أي: بعده (فَرَبَطْتُ عَلَيْهِ شَرَفًا، أَوْ شَرَفَيْن، ثُمَّ إِنِّي رَفَعْتُ)؛ أي: أسرعتُ، وقال القرطبيّ: رفعتُ؛ أي: زِدْت في السير، ويُروى "دَفَعْتُ" بالدال؛ أي: دفعت دفعةً شديدةً من الجري، وكلاهما قريبٌ في المعنى (٢). (حَتَّى أَلْحَقَهُ) "حتى" هنا للتعليل، بمعنى "كي"، و"ألْحَقَ" منصوب بـ "أنْ" مضمرة وجوبًا بعدها، كما قال في "الخلاصة":

وَبَعْدَ "حَتَّى" هَكَذَا إِضْمَارُ "أَنْ" … حَتْمٌ كـ "جُدْ حَتَّى تَسُرَّ ذَا حَزَنْ"

(قَالَ) سلمة (فَأَصُكُّهُ)؛ أي: أضربه، وتقدّم أن المضارع هنا بمعنى الماضي، وإنما عبّر به؛ لحكاية الحال الماضي، واستحضارها كأنها تشاهَدُ الآن. (بَيْنَ كتِفَيْه، قَالَ) سلمة (قُلْتُ: قَدْ سُبِقْتَ وَاللهِ) ببناء الفعل للمفعول، والخطاب للرجل المتسابق؛ أي: قد سبقتك. (قَالَ) الرجل (أَنَا أَظُنُّ) بحذف المفعولين اختصارًا؛ لدلالة ما قبله عليه؛ أي: أظنّ ذلك واقعًا. (قَالَ) سلمة (فَسَبَقْتُهُ)؛ أي: الرجلَ (إِلَى الْمَدِينَةِ) النبويّة - على ساكنها أفضل الصلاة، وأزكى التحيّة - (قَالَ) سلمة (فَوَاللهِ مَا لَبِثْنَا) بكسر الباء، يقال: لَبِثَ بالمكان لَبَثًا، من باب تَعِب: إذا مكث فيه، وجاء في المصدر السكون؛ للتخفيف (٣). (إِلَّا ثَلَاثَ لَيَالٍ) وفي بعض النسخ: "ما لبثنا ثلاث ليالٍ"، (حَتَّى خَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ، مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) قال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: ظاهر هذا الكلام أن غزوة خيبر كانت على إثر غزوة ذي قَرَد؛ إذ لم يكن بينهما إلا هذا الزمان اليسير الذي هو ثلاث ليال، وليس كذلك عند أحد من أصحاب السِّير والتواريخ؛ فإن غزوة ذي قَرَد كانت في جمادى الأولى من السَّنة السادسة من الهجرة، ثم غزا بعدها بني المصطلِق في شعبان من تلك السنة، ثم اعتَمَر عمرة الحديبية في ذي القعدة من تلك السنة، ثم رجع إلى المدينة، وأقام بها ذا الحجَّة،


(١) "المفهم" ٣/ ٦٧٩.
(٢) "المفهم" ٣/ ٦٧٩.
(٣) "المصباح" ٢/ ٥٤٧ بزيادة التفسير من "القاموس".