للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كما يُطلق الْعَرِينُ على الغابة أيضًا، ولعلّ ذلك لاتّخاذه إياه في داخل الغابة غالبًا. (كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ)؛ يعني: أنه كريه المنظر في عين عدوّه؛ لأن موت عدوّه مقرون بنظره إليه، قال القرطبيّ: الهاء فيه، وفي حيدرة للاستراحة. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: يعني: أنها هاء السكت، وفيه نظر؛ لأن المنظرة مثل المنظر، وقد عدّهما في "القاموس" من مصادر نظر، و"الحيدرة" لغة في "الحيدر" أيضًا، كما أسلفته قريبًا، فليست الهاء فيهما للسكت، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

(أُوفِيهِمُ بِالصَّاعِ)؛ أي: أقتُل الأعداء قتلًا ذريعًا واسعًا، (كَيْلَ السَّنْدَرَهْ) - بفتح السين المهملة، وإسكان النون، وفتح الدال المهملة -: مكيالٌ واسعٌ، وقيل: هي العَجَلة؛ أي: أقتلهم عاجلًا، وقيل: مأخوذ من السندرة، وهي شجرة الصَّنَوْبِر، يُعْمَلُ منها النَّبْلُ، والْقَسِيّ، قاله النوويّ (١).

وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: "السندرة": مكيال واسع، قال القتبيّ: ويَحْتَمِل أن يكون أُخذ من السَّنْدرة، وهي شجرة يُعْمَل منها النبل والقسيّ، قال صاحب العين: كيل السندرة: ضرب من الكيل، ومعناه: أقتلهم قتلًا واسعًا، وقيل: السندرة: العجلة؛ أي: أقتلهم قتلًا عَجِلًا عاجلًا. انتهى (٢).

(قَالَ) سلمة: (فَضَرَبَ) عليّ - رضي الله عنه - (رَأْسَ مَرْحَبٍ، فَقَتَلَهُ)؛ أي: قتل عليّ - رضي الله عنه - مرحبًا، وهذا هو الأصح، وقيل: أن قاتلً مرحب هو محمد بن مسلمة، قال ابن عبد البرّ رحمهُ اللهُ في كتابه "الدرر في مختصر السير": قال محمد بن إسحاق: إن محمد بن مسلمة هو قاتله، قال: وقال غيره: إنما قتله عليّ رحمهُ اللهُ، قال ابن عبد البر: هذا هو الصحيح عندنا، ثم رَوَى ذلك بإسناده عن سلمة، وبُريدة، قال ابن الأثير: الصحيح الذي عليه أكثر أهل الحديث، وأهل السير أن عليًّا - رضي الله عنه - هو قاتله، وحكى محمد بن سعد أن الذي قتله محمد بن مسلمة، وذَفَّفَ عليه عليّ (٣)، والله تعالى أعلم.

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن قاتل مرحب هو عليّ - رضي الله عنه -،


(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٨٥.
(٢) "المفهم" ٣/ ٦٨٣.
(٣) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٨٦، و"المفهم" ٣/ ٦٨٣.