للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فنزلوا يتضحون، وعلوت عليهم الجبل، فقعدت، فنظر إليّ عيينة، فقال: ما هذا الذي أرى؟ قالوا: لقينا من هذا الْبَرْحاء، ما فارقنا بغَلَس حتى هذا مكانه، قال: أفلا يقوم إليه نفر منكم، فقام إليّ أربعة منهم، فسندوا إلى الجبل، فلما دَنَوا مني، قلت: أتعرفوني؟ أنا ابن الأكوع، والذي نفسي بيده، لا يطلبني رجل منكم، فيلحَقَني، ولا أطلبه، فيفوتَني، قالوا: إنا نظنّ، فرجعوا، ثم إذا أنا بفوارس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولهم الأخرم الأسديّ، وأبو قتادة، والمقداد بن الأسود، فانحدرت من الجبل، فأعرض الأخرم، وهو أول القوم، فآخذ بعِنَان فرسه، فقلت: يا أخرم أتذر (١) القوم أن يقتطعوك، حتى يلحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه؟ فقال: يا سلمة إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر، وتعلم أن الجنة حقّ، والنار حقّ، فلا تَحُل بيني وبين الشهادة، فتركته، فتقدّم، فالتقى هو وعبد الرحمن بن عيينة، فاختلفا طعنتين، فعَقَر بعبد الرحمن فرسه، وطعنه عبد الرحمن فقتله، ثم تحول على فرسه، فالتقى عبد الرحمن وأبو قتادة، فاختلفا طعنتين، فعقر عبد الرحمن بأبي قتادة، وطعنه أبو قتادة فقتله، وتحول على فرسه، ثم وَلَّى القوم، لا يَلْوُون على شيء، فاتبعتهم على رجليّ، حتى ما أرى من فرسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا من رَجّالتهم أحدًا، ثم مالوا إلى ماء، يقال له ذو قَرَد، فأبصروني وراءهم، فحَلّيتهم عنه، وهم عِطاشٌ، حتى ألحق في ثنية ذي الدثير، فألحقُ رجلًا على راحلته في مؤخر القوم، فأرميه بسهم، فقلت: خذها:

وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ … وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ

قال: واثكل أمي، أَكْوَعِيا (٢) بكرةَ؟ قلت: نعم؛ أي عدوّ نفسه، وأخذت بفرسين أرديهما (٣) في الثنية، فسُقْتهما معي حتى ألقى عمي عامرًا في الظلام، على بعير، معه سطيحتان، إحداهما مَذْقة - أي: بقية من لبن -


(١) كذا النسخة، والظاهر أنه مصحّف من "احذر"، كما سبق في مسلم، فليُحرّر.
(٢) كذا النسخة، وتقدّم في مسلم بلفظ: أَكْوَعه"، وفي لفظ: "أَكْوَعنا".
(٣) كذا النسخة، وتقدّم في مسلم: "وأردوا فرسين"، وفي رواية: "وأرذوا فرسين" بالذال المعجمة.