للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عبد البرّ - رحمه الله -: وخروجهنّ مع الرجال في الغزوات، وغير الغزوات مباح، إذا كان العسكر كبيرًا يُؤْمَن عليه الغلبة. انتهى (١).

وقال في "تحفة الأحوذيّ": في الحديث دليل على أنه يجوز خروج النساء في الحرب؛ لهذه المصالح. والجهاد ليس بواجب على النساء، يدلّ على ذلك حديث عائشة - رضي الله عنهما -، عند أحمد، والبخاريّ قالت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: "لكُنّ أفضل الجهاد: حجٌّ مبرور"، قال ابن بطال - رحمه الله -: دلّ حديث عائشة - رضي الله عنهما - على أن الجهاد غير واجب على النساء، ولكن ليس في قوله: "أفضل الجهاد حج مبرور"، وفي رواية البخاريّ: "جهادكنّ الحج" ما يدلّ على أنه ليس لهنّ أن يتطوعن بالجهاد، وإنما لم يكن واجبًا؛ لِمَا فيه من مغايرة المطلوب منهنّ من الستر، ومجانبة الرجال، فلذلك كان الحجّ أفضل لهن من الجهاد. انتهى (٢).

٢ - (ومنها): جواز خروجهنّ في الغزو، والانتفاع بهنّ في السقي، والمداواة، ونحوهما، قال النوويّ - رحمه الله -: وهذه المداواة لمحارمهنّ، وأزواجهنّ، وما كان منها لغيرهم لا يكون فيه مَسّ بشرة، إلا في موضع الحاجة. انتهى (٣).

وقال في "الفتح" عند شرح حديث الربيّع بنت معوّذ - رضي الله عنهما - المتقدّم: وفيه جواز معالجة المرأة الأجنبية الرجل الأجنبي؛ للضرورة، قال ابن بطال: ويَختصّ ذلك بذوات المحارم، ثم بالمتجالّات منهنّ؛ لأن موضع الجرح لا يُلتذّ بلمسه، بل يقشعر منه الجلد، فإن دَعَت الضرورة لغير المتجالّات، فليكن بغير مباشرة، ولا مسّ، ويدلّ على ذلك اتفاقهم على أن المرأة إذا ماتت، ولم توجد امرأة تغسلها أن الرجل لا يباشر غسلها بالصمق، بل يغسلها من وراء حائل، في قول بعضهم، كالزهريّ، وفي قول الأكثر تُيَمَّمُ، وقال الأوزاعيّ: تُدْفَنُ كما هي، قال ابن الْمُنَيِّر: الفرق بين حال المداواة، وتغسيل الميت، أن الغسل عبادةٌ، والمداواة ضرورة، والضرورات تبيح المحظورات. انتهى (٤).


(١) "التمهيد لابن عبد البرّ" ١٩/ ٢٦٦.
(٢) "تحفة الأحوذيّ" ٥/ ١٦٤.
(٣) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٨٨.
(٤) "الفتح" ٧/ ١٦٠ - ١٦١، كتاب "الجهاد" رقم (٢٨٨٣).