للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): بيان أن الوسوسة لا تضرّ بالإيمان؛ لأنها مجرّد تلبيس الشيطان، وهذا وجه المطابقة في إيراده هنا.

٢ - (ومنها): وجوب الإعراض عن هذه الوساوس، وعدم الإصغاء إليها، والالتجاء إلى الله تعالى في دفع شرّه عنه، وأن يعلم العبد أن هذا الخاطر من وسوسة الشيطان، وهو إنما يسعى بالفساد والإغواء، فليُعْرِض عن الإصغاء إلى وسوسته، وليبادر إلى قطعها بالاشتغال بغيرها.

٣ - (ومنها): وجوب تجديد الإيمان كلما وَجَد الإنسان في قلبه شيئًا من الوسواس، فيقول: آمنت بالله، ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.

٤ - (ومنها): وجوب الاستعاذة بالله تعالى، والالتجاء إليه في دفع وساوس الشيطان؛ لأنه القادر عليه، قال الله عز وجل: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (٤٢)} [الحجر: ٤٢]، وقال: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (٦٥)} [الإسراء: ٦٥].

٥ - (ومنها): أن يجعل العبد عداوة الشيطان نُصبَ عينيه دائمًا، ويتذكّرَ بالاستمرار قوله عز وجل: {يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (٢٧)} [الأعراف: ٢٧]، وقوله عز وجل: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (٦)} [فاطر: ٦]، وقوله عز وجل: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (١٧)} [الأعراف: ١٦ - ١٧].

فإذا علم العبد ذلك، وأنه عدوّ لدود، لا يمكن التغلّب عليه، فإن العدوّ إذا كان يُرَى أمكن مدافعته، وأما العدوّ الذي لا يُرى، فلا يمكن الحذر منه، فما بقي للعبد إلا أن يلجأ إلى الذي يراه، ويقدر على دفعه، وهو الله سبحانه وتعالى، فقد أمر باتخاذه عدوًّا، مع إعلامه بأنه يرانا من حيث لا نراه، ثم أخبرنا بأنه ليس له سبيل إلى التسلّط وإلحاق الضرر بعباده، فقال: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}، فبيّن أن الطريق الوحيد في دفعه الالتجاء إليه، والاستعاذة به، والتحصّن بالتوكّل عليه، {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ}