للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "العمدة": قوله: "يصبك" مجزوم؛ لأنه جواب النهي، نحو: لا تَدْنُ من الأسد يأكلك، ويُرْوَى: "يصيبك" على تقدير: السهم يصيبك. انتهى (١).

وقوله: (مِنْ سِهَامِ الْقَوْمِ) بيان أن ذلك السهم من سهام العدوّ.

(نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ)؛ أي: أَفْديك بنفسي، قاله في "الفتح"، وقال في "العمدة": قوله: "نحري دون نحرك"؛ أي: صدري عند صدرك؛ أي: أَقِفُ أنا بحيث يكون صدري كالترس لصدرك، هكذا فسّره الكرمانيّ. قال العينيّ: الأوجه أن يقال: هذا نحري قُدّام نحرك، يعني: أقف بين يديك، بحيث إن السهم إذا جاء يصيب نحري، ولا يصيب نحرك. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: اعتراض العينيّ على الكرمانيّ مما لا وجه له، فإن مؤدَّى عبارتيهما واحد، فتأمله بالإنصاف، والله تعالى وفي التوفيق.

قال النوويّ - رحمه الله -: هذا من مناقب أبي طلحة - رضي الله عنه - الفاخرة.

(قَالَ) أنس - رضي الله عنه - (وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ) - رضي الله عنهما - (وَأُمَّ سُلَيْمٍ) - رضي الله عنهما -، وهي والدته، وقوله: (وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ) جملة في محلّ نصب على الحال؛ أي: والحال أن عائشة، وأم سُليم - رضي الله عنهما - مشمّرتان، تثنية على صيغة اسم الفاعل من شَمَّرت ثيابي: إذا رفعتها، واللام فيه للتأكيد (٣). (أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا) - بفتح الخاء المعجمة، والدال المهملة -: جمع خَدَمَةٍ، وهي الخلاخيل، وقيل: الخدمة أصل الساق، والسُّوق بالضمّ: جمع ساق، وهي مؤنّثةٌ، وهي: ما بين الركبة، والقَدَم، وتصغيرها سُويقةٌ (٤).

ثم إن رؤية سوقهما محمول على أنه كان قبل الحجاب، وقال النوويّ - رحمه الله -: وهذه الرؤية للخدم لم يكن فيها نهيٌ؛ لأن هذا كان يوم أُحد قبل أمر النساء بالحجاب، وتحريم النظر إليهنّ، ولأنه لم يَذكر هنا أنه تعمَّد النظر إلى نفس الساق، فهو محمول على أنه حصلت تلك النظرة فَجْأَةً بغير قصد، ولم يَسْتَدمها. انتهى (٥).


(١) "عمدة القاري" ١٦/ ٢٧٤.
(٢) "عمدة القاري" ١٦/ ٢٧٤.
(٣) "عمدة القاري" ١٦/ ٢٧٤.
(٤) "المصباح المنير" ١/ ٢٩٦.
(٥) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٨٩.