للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأوليين خَفِيتا عليه؛ لصغره، ويؤيد ذلك ما يأتي هنا بلفظ: "قلت: ما أول غزوة غزاها؟ قال: ذات العشير، أو العشيرة"، والعشيرة هي الثالثة، وقد تقدّم تمام البحث في هذا في "كتاب الحجّ" برقم [٣٢/ ٣٠٣٦] (١٢٥٤).

قال أبو إسحاق: (فَقُلْتُ: كَمْ غَزَوْتَ أَنْتَ مَعَهُ؟ قَالَ) زيد - رضي الله عنه - (سَبْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، قَالَ) أبو إسحاق (فَقُلْتُ: فَمَا أَوَّلُ غَزْوَةٍ غَزَاهَا؟ قَالَ: ذَاتُ الْعُسَيْر، أَوِ الْعُشَيْرِ) قال النوويّ - رحمه الله -: هكذا في جميع نسخ "صحيح مسلم": "العُسير، أو العشير" بالعين المضمومة، والأول بالسين المهملة، والثاني بالمعجمة، وقال القاضي عياض في "المشارق": هي ذات العشيرة، بضم العين، وفتح الشين المعجمة، قال: وجاء في "كتاب المغازي" - يعني من "صحيح البخاريّ": "عَسِير" بفتح العين، وكسر السين المهملة، بحذف الهاء، قال: والمعروف فيها: "العُشيرة" مصغرةً، بالشين المعجمة، والهاء، قال: وكذا ذكرها أبو إسحاق، وهي من أرض مَذْحِج. انتهى (١).

وقال ابن هشام - رحمه الله - في "السيرة": ثم غزا قريشًا، فاستعمل على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد، قال ابن إسحاق: فسلك على نَقَب بني دينار، ثم على فَيْفَاء الْخَبَار، فنزل تحت شجرة ببطحاء ابن أزهر، يقال لها: ذات الساق فصلى عندها، وصُنع له عندها طعام، فأكل منه، وأكل الناس معه، فموضع أثافي الْبُرْمة معلوم هنالك، واستُقي له من ماء به، يقال له: الْمُشْتَرِب، ثم ارتحل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فترك الخلائق بيسار، وسلك شُعْبةً يقال لها: شعبة عبد الله، وذلك اسمها اليومَ، ثم صَبّ لليسار، حتى هَبَط يَلِيل، فنزل بمُجْتَمَعِه، ومُجْتَمَع الضبُوعة، واستقى من بئرٍ بالضبوعة، ثم سلك الْفَرْشَ فَرْشَ مَلَل، حتى لقي الطريق بصُحَيرات اليمام، ثم اعتَدَل به الطريق حتى نزل الْعُشيرة من بطن ينبع، فأقام بها جمادى الأولى، وليالي من جمادى الآخرة، ودعا فيها بني مُدْلِج، وحلفاءهم من بني ضَمْرة، ثم رجع إلى المدينة، ولم يلق كَيْدًا. انتهى (٢).

وفي رواية البخاريّ: "قال: الْعُشَير، أو الْعُسَيْرة"، وزاد: "فذكرت لقتادة، فقال: الْعُشَيرة" انتهى.


(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٩٥.
(٢) "سيرة ابن هشام" ١/ ٥٩٨.