عظيمٌ بينبع، قال ابن هشام: وكان استَعْمَل على المدينة السائب بن عثمان بن مظعون، وفي نسخة: السائب بن مظعون، وعليه جرى السُّهيليّ، وقال الواقديّ: سعد بن معاذ.
وأما "العشيرة" فلم يُخْتَلف على أهل المغازي أنها بالمعجمة، والتصغير، وآخرها هاء، قال ابن إسحاق: هي ببطن ينبع، وخرج إليها في جمادى الأولى، يريد قريشًا أيضًا، فوادع فيها بني مُدلِج، من كنانة، قال ابن هشام: استَعْمل فيها على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد، وذكر الواقديّ أن هذه السّفَرات الثلاث، كان يخرج فيها ليلتقي تجار قريش، حين يمرون إلى الشام ذهابًا وإيابًا، وبسبب ذلك أيضًا كانت وقعة بدر، وكذلك السرايا التي بعثها قبل بدر.
قال ابن إسحاق: ولمّا رجع إلى المدينة، لم يُقِم إلا ليالي، حتى أغار كُرْز بن جابر الفِهْريّ على سَرْح المدينة، فخرج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في طلبه حتى بلغ سَفَران - بفتح المهملة، والفاء - من ناحية بدر، ففاته كُرز بن جابر، وهذه هي بدر الأولى.
وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضًا سرية عبد الله بن جحش أخي زينب أم المؤمنين، في السنة الثانية قبل وقعة بدر، فلقوا عمرو بن الحضرميّ، ومعه عِير - أي: تجارة - لقريش، فقتلوه، فكان أول مقتول من الكفار في الإسلام، وذلك في أول يوم من رجب، وغَنِموا ما كان معهم، فكانت أول غنيمة في الإسلام، فعاب عليهم المشركون ذلك، فأنزل الله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} الآية [البقرة: ٢١٧].
[فائدة]: قال الزهري: أول آية نزلت في القتال - كما أخبرني عروة، عن عائشة -: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} الآية [الحج: ٣٩]، أخرجه النسائيّ، وإسناده صحيح، وأخرج هو، والترمذيّ، وصححه الحاكم، من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: لما خرج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من مكة، قال أبو بكر: أخرجوا نبيّهم، لَيَهْلِكُنّ، فنزلت:{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ} الآية، قال ابن عباس: فهي أول آية أُنزلت في القتال، وذكر غيره أنهم أُذن لهم في قتال من قاتَلهم بقوله تعالى:{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ}[البقرة: ١٩٠]،