للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما وُهيب فخطأ، قال: لأنّ وُهيبًا لم يَلْقَ أبا إسحاق، وذكر خلف في "الأطراف"، فقال: "زهير"، ولم يذكر وهيبًا. انتهى (١).

وقال الحافظ الجيّانيّ - رحمه الله - في "التقييد" بعد أن ساق سند مسلم المذكور آنفًا ما نصّه: هكذا رُوي في هذا الإسناد عن الكساليّ على الصواب، وفي نسخة السجزيّ، والرازيّ، عن أبي أحمد: حدّثنا يحيى بن آدم، قال: نا وُهيب، وكذلك كان في نسخة أبي العلاء بن ماهان، فغيّره، وأُخبرتُ عن أحمد بن عبد الله بن عليّ الباجيّ قال: كان عند أبي العلاء بن ماهان: وُهيب، فأصلحه زُهير، وكذلك كان في نسخة ابن الحذّاء: زُهير، على ما كان أصلحه أبو العلاء، وقال أبو محمد عبد الغنيّ بق سعيد: الصواب: زُهير، ووُهيب خطأ؛ لأن وُهيبًا لم يلق أبا إسحاق. انتهى (٢)، وهو تحقيقٌ نفيس، والله تعالى أعلم.

وقوله: (وَحَجَّ بَعْدَمَا هَاجَرَ)؛ أي: من مكة إلى المدينة.

وقوله: (حَجَّةً، لَمْ يَحُجَّ غَيْرَهَا)؛ أي: حجة واحدة، قال في "الفتح"؛ يعني: ولا حج قبلها، إلا أن يريد نفي الحج الأصغر، وهو العمرة فلا، فإنه اعتمر قبلها قطعًا. انتهى (٣).

وقوله: (حَجَّةَ الْوَدَاعِ) بالنصب على البدليّة من "حجّةً"، وسُمّيت بهذا الاسم؛ لتوديع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الناس فيها.

[تنبيه]: زاد في رواية البخاريّ في آخر الحديث ما نصّه: "قال أبو إسحاق: وبمكة أخرى"، قال في "الفتح": هو موصول بالإسناد المذكور، وغَرَض أبي إسحاق أن لقوله: "بعدما هاجر" مفهومًا، وأنه قبل أن يهاجر كان قد حجّ، لكن اقتصاره على قوله: "أخرى" قد يوهم أنه لم يحجّ قبل الهجرة إلا واحدة، وليس كذلك، بل حجّ قبل أن يهاجر مرارًا، بل الذي لا أرتاب فيه أنه لم يترك الحجّ، وهو بمكة قطّ؛ لأن قريشًا في الجاهلية لم يكونوا يتركون الحجّ، وإنما يتأخر منهم عنه من لم يكن بمكة، أو عاقه ضَعف، وإذا كانوا


(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٩٥ - ١٩٦.
(٢) "تقييد المهمل" ٣/ ٨٨٢.
(٣) "الفتح" ٩/ ٥٥٠ رقم (٤٤٠٤).