وقوله:(وَاللهُ يَجْزِي بِهِ) مفعول "زادني" محكيّ؛ لِقَصْد لفظه، يعني أن غير بريد بن عبد الله ممن روى له هذا الحديث زاده في آخره قوله:"والله يجزي به"، يثيب بهذا العمل، ولا نطلب به أجرًا من غيره - سبحانه وتعالى -.
وقوله:"يجزي" بفتح الياء، من الجزاء، ثلاثيًّا؛ أي: يكافئه على عمله، قال المجد - رحمه الله -: الجزاء: المكافأة على الشيء، وقال الراغب: هو ما فيه الكفاية، إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًّا فشرّ، كالجازية، بوزن العافية، يقال: جزاه كذا، وبه، وعليه جزاءً، ومنه قوله تعالى:{وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى}[طه: ٧٦]، وقوله:{فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى}[الكهف: ٨٨]، وقوله:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}[الشورى: ٤٠]، وقوله: {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (١٢)} [الإنسان: ١٢]، وقوله:{أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا}[الفرقان: ٧٥]، وقوله:{وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[يس: ٥٤] انتهى. بزيادة من الشرح (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي موسى الأشعريّ - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٤٨/ ٤٦٩١](١٨١٦)، و (البخاريّ) في "المغازي"(٤١٢٨)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٤/ ٣٢٢)، و (أبو يعلى) في "مسنده"(١٣/ ٢٩٠) و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٤٧٣٤)، و (أبو نعيم) في "الحلية"(١/ ٢٦٠)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٥/ ٢٥٨)، و (ابن عساكر) في "تاريخه"(٣٢/ ٣٥، ٣٦)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): فيه جواز ركوب المركوب بالتناوب إذا لم يُضرّ به.
٢ - (ومنها): جواز إخبار المرء بما كابده من المشاقّ في سبيل الله - عز وجل -، إذا ترتّبت عليه مصلحة، مثل بيان حكم ذلك الشيء، والتنبيه على الاقتداء به