ماعز - رضي الله عنه -؛ لأنَّ سياق الروايتين مختلفٌ، فحَمْلهما على تعدّد الواقعتين غير بعيد، وأفادت هذه الرواية أن رجْم ماعز وقع يوم الجمعة، والله تعالى أعلم (١).
(يَقُولُ:"لَا يَزَالُ الدِّينُ قَائِمًا)؛ أي: ثابتًا، (حَتَّى نَقُومَ السَّاعَةُ، أَو يَكُونَ عَلَيْكُمُ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً، كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ) قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قيّدناه - يعني: قوله: "يكونَ" - على من يوثق بتقييده بالنصب، وتكون "أو" بمعنى "إلى أن"، كقوله [من الطويل]:
وقد دلّ على هذا الرواية الأخرى، وهي قوله: "لا يزال هذا الأمر عزيزًا إلى اثني عشر خليفة، كلّهم من قُريش"؛ يعني به: أنه لا تزال عزّة دين الإسلام قائمة إلى اثني عشر خليفة من قُريش، وقد اختُلف فيهم على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم خلفاء العَدْلِ؛ كالخلفاء الأربعة، وعمر بن عبد العزيز. ولا بُدَّ من ظهور من يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَتَهم في إظهار الحقِّ والعدل، حتى يَكْمُل ذلك العدد، وهو أولى الأقوال عندي.
وثانيها: أنَّ هذا إخبارٌ عن الولايات الواقعة بَعْدَهُ وبَعْدَ أصحابه، وكأنه أشار بذلك إلى مدة ولاية بني أُمَيَّة، ويعني بالذين: المُلك والولاية، وهوشرح الحالِ في استقامة السَّلْطَنَةِ لهم، لا على طريق المدح.
وقد يقال: الدِّينُ على الْمُلْكِ؛ كما قال [من البسيط]:
لَئِنْ حَلَلْتَ بِجوٍّ في بني أسدٍ … فِي دِينِ عمرٍو وحَالتْ بيننا فَدَكُ
وقيل ذلك في قوله تعالى:{مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ}[يوسف: ٧٦]. ثم عدّد هذا القائل ملوكهم فقال: أَوَّلُهم يزيدُ بن معاوية، ثم ابنه معاويةُ بن يزيد - وقال: ولم يذكر ابن الزبير لأنه صحابيّ، ولا مروان؛ لأنه غاصب لابن الزبير -، ثم عبد الملك، ثم الوليد، ثم سليمان، ثم عمر بن عبد العزيز، ثم يزيد بن عبد الملك، ثم هشام بن عبد الملك، ثم الوليد بن يزيد، ثم يزيد بن الوليد، ثم إبراهيم بن الوليد، ثم مروان بن محمد، فهؤلاء اثنا عشر. ثم خرجت الخلافة منهم إلى بني العباس.