للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وثالثها: أن هذا خبر عن اثني عشر خليفة من قريش، مجتمعين في زمان واحد في آفاق مختلفة؛ كما قد وقع، فقد كان بالأندلس منهم في عصر واحد بعد أربعمائة وثلاثين سنة ثلاثة كلهم يَدَّعيها، وتَلَقَّب بها. ومعهم صاحبُ مصر، وخليفة بغداد، فكذلك يجوز أن يجتمع الاثنا عشر خليفة في العصر الواحد، وقد دلّ على هذا قوله: "سيكون خلفاء، فيكثرون .... "، متّفقٌ عليه، وكلٌّ مُحْتَمِل، والأول أَولاها؛ لبُعْده عن الاعتراض. انتهى كلام القرطبيّ (١).

(وَسَمِعْتُهُ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " (يَقُولُ: "عُصَيْبَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) العُصَيْبَة: تصغير العِصابة، وهي: الجماعة من الناس، قيل: أقلّهم أربعون، ويَحْتَمِل أن يكون هذا التصغير للمفتتحِين؛ لقلة من باشر فتح بيتِ كسري، فإنه يُروَى أن سعد بن أبي وقّاص خاض دجلة، وهي مَطْلَعٌ إلى دار كسري، فما بلغ الماء إلى حِزام الفرس، وما ذهب للمسلمين شيء، ووجدوا قبابًا مملوءة سِلالًا فيها آنية الذهب والفضة، ووجدوا كافورًا كثيرًا، فظنّوه مِلْحًا، فعَجَنوا به، فوجدوا مرارته، وكان في بيوت أموال كسرى ثلاثة آلاف ألف ألف ألف دينار - ثلاث مرات -.

ويَحْتَمِل أن يكون تصغيرهم بالنسبة إلى عدوّهم، ويَحْتَمِل أن يكون تصغيرهم على جهة التعظيم، كما قالوا:

وَكُلُّ أُنَاسٍ سَوْفَ تَدْخُلُ بَيْنَهُمْ … دُويْهِيَّةٌ تَصْفَّرُّ مِنْهَا الأَنَامِلُ (٢)

(يَفْتَتِحُونَ الْبَيْتَ الأَبْيَضَ) وُصف بيت كسرى بالأبيض؛ لأنه كان مبنيًّا بالجصّ، ومُزخرفًا بالفضّة (٣)، وقوله: (بَيْتَ كِسْرَى) بالنصب على البدليّة من "البيت"، وكسرى: ملك الْفُرس، قال أبو عمرو بن العلاء: بكسر الكاف لا غيرُ، وقال ابن السرّاج - كما رواه عنه الفارسيّ، واختاره ثعلب، وجماعة -: الكسر أفصح، والنسبة إلى المكسور: كِسْرِيٌّ، وكِسْرَويّ، بحذف الألف، وبقلبها واوًا، والنسبة إلى المفتوح بالقلب لا غيرُ، والجمع: أكاسرةٌ. انتهى (٤).


(١) "المفهم" ٤/ ٨ - ١٠.
(٢) "المفهم" ٤/ ١٠ - ١١.
(٣) "المفهم" ٤/ ١٠.
(٤) "المصباح المنير" ٢/ ٥٣٣.