الصحابيّ، من مسلمة الفتح، يقال: كان اسمه عبد كلال، فسمّاه النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عبد الرَّحمن، افتتح سجستان، ثم سكن البصرة، ومات بها سنة (٥٠) أو بعدها (ع) تقدم في "الكسوف" ٥/ ٢١١٨.
[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من رباعيّات المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -، وهو (٣٣٣) من رباعيّات الكتاب، وأنه مسلسلٌ بالبصريين، وبالتحديث من أوله إلى آخره.
شرح الحديث:
عن الحسن البصريّ أنه قال:(حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ) - رضي الله عنه - أنه (قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "يا عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَا تَسْأَلِ) "لا" ناهية، ولذا جُزم الفعل بعدها، وكُسرت اللام؛ لالتقاء الساكِنَين. (الإِمَارَةَ) بكسر الهمزة؛ أي: الولاية عامّة كانت، أو خاصّة، ويدخل فيها القضاء، والْحِسْبةُ، وغيرها.
قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "لا تسأل الإمارة" هو نهيٌ، وظاهره التحريم، وعلى هذا يدلّ قوله بعد هذا: "إنَّا والله لا نولّي على هذا العمل أحدًا سأله، أو حَرَص عليه" وسببه أن سؤالها والحرص عليها، مع العلم بكثرة آفاتها، وصعوبة التخلص منها؛ دليلٌ على أنَّه يطلبها لنفسه، ولأغراضه، ومَنْ كان هكذا أوشك أن تغلب عليه نفسه فيهلك، وهذا معنى قوله: "وُكلت إليها"، ومَن أباها لِعِلْمه بافاتها، ولخوفه من التقصير في حقوقها، وفرَّ منها، ثم إن ابتلي بها؛ فَيُرْجَى له ألا تغلب عليه نفسه؛ للخوف الغالب عليه، فيتخلّص من آفاتها، وهذا معنى قوله: "أعنتَ عليها".
وهذا كلّه محمول على ما إذا كان هنالك جماعة ممن يقوم بها، ويصلح لها، فأما لو لَمْ يكن هنالك ممن يصلح لها إلَّا واحد لتعيَّن ذلك عليه، ووجب أن يتولاها، ويسأل على ذلك، ويُخبر بصفاته التي يستحقها به من العلم، والكفاية، وغير ذلك؛ كما قال يوسف - عَلَيْهِ السَّلَام -: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (٥٥)} [يوسف: ٥٥]. . انتهى (١).