(فَإِنَّكَ) الفاء للتعليل؛ أي: لأنك (إِنْ أُعْطِيتَهَا) بالبناء للمفعول، (عَنْ مَسْأَلَةٍ)؛ أي: بعد سؤالك إياها، فـ "عن" بمعنى "بعد"، أو المعنى: إعطاءً صادرًا عن مسألة، (وُكلْتَ إِلَيْهَا) بضمّ الواو، وكسر الكاف مخفّفةً، وفتح التاء للمخاطب؛ أي: خُلِّيتَ إليها، وتُركت معها من غير إعانة فيها.
قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "أُكلت إليها" هكذا هو في كثير من النسخ، أو أكثرها:"أكلت" بالهمز، وفي بعضها:"وُكلت"، قال القاضي عياض: هو في أكثرها بالهمز، قال: والصواب بالواو؛ أي: أُسلمت إليها، ولم يكن معك إعانة، بخلاف ما إذا حَصَلت بغير مسألة. انتهى (١).
وقال في "الفتح": قوله: "وُكِلتَ إليها" بضم الواو، وكسر الكاف، مخفّفًا، ومُشدّدًا، وسكون اللام، ومعنى المخفَّف؛ أي: صُرفتَ إليها، ومن وُكل إلى نفسه هلك، ومنه في الدعاء:"ولا تكلني إلى نفسي"، ووَكَل أمره إلى فلان: صَرَفه إليه، ووَكّله بالتشديد: استحفظه، ومعنى الحديث: أن من طلب الإمارة، فأُعطيها تُركت إعانته عليها من أجل حرصه. انتهى.
(وَإِنْ أُعْطِيتَهَا) بالبناء للمفعول أيضًا، (عَنْ غَيْرِ مَسْأَلةٍ أُعِنْتَ) بالبناء للمفعول أيضًا؛ أي: أعانك الله تعالى (عَلَيْهَا")؛ أي: على تلك الإمارة، وسدّدك، وقد ورد تفسير الإعانة عليها في حديث بلال بن مِرداس، عن خيثمة، عن أنس - رضي الله عنه -، رفعه: "مَن طَلَب القضاء، واستعان عليه بالشفعاء، وُكِل إلى نفسه، ومن أُكره عليه، أنزل الله عليه مَلَكًا يُسَدِّده"، أخرجه ابن المنذر.
وكذا أخرجه الترمذيّ من طريق أبي عوانة، عن عبد الأعلى الثعلبيّ، وأخرجه هو وأبو داود، وابن ماجة، من طريق أبي عوانة، ومن طريق إسرائيل، عن عبد الأعلى، فأسقط خيثمة من السند، قال الترمذيّ: ورواية أبي عوانة أصحّ، وقال في رواية أبي عوانة: حديثٌ حسنٌ، غريبٌ.
وأخرجه الحاكم من طريق إسرائيل، وصحَّحه، وتُعُقّب بأن ابن معين لَيِّن خيثمة، وضعّف عبد الأعلى، وكذا قال الجمهور في عبد الأعلى: ليس بقويّ.
قال المهلّب: وفي معنى الإكراه عليه أن يُدْعَى إليه فلا يرى نفسه أهلًا