للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قانتًا لله، حنيفًا، ولم يك من المشركين، تُوُفّي في طاعون عمواس سنة (١٨) تقدّمت ترجمته في "الإيمان" ٧/ ١٣٠.

قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "ثُمّ أتبعه معاذ بن جبل" ظاهر هذا: أنه وَلّى معاذًا على أبي موسى، ولم يعزل أبا موسى، وعلى هذا يدلّ تنفيذ معاذ الْحُكم بقتل المرتدّ، وإمضاؤه، ويَحْتَمِل أن يكون - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَّى كلّ واحد منهما على عمل غير عمل الآخر، إما في الجهات، وإما في الأعمال، وهذا هو الصحيح؛ بدليل ما وقع في "الصحيحين": أن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولَّى معاذًا على مِخْلاف من اليمن، وأبا موسى على مِخْلاف، والْمِخْلاف: واحد المخاليف، وهو: الكُوَرُ. انتهى (١).

وقال في "الفتح": قوله: "ثم أتبعه" بهمزة، ثم مثناة ساكنة، قوله: "معاذ بن جبل" بالنصب؛ أي: بَعَثه بعده، وظاهره أنه ألحقه به بعد أن توجّه، ووقع في بعض النسخ: "واتّبعه" بهمزة وصل، وتشديد، و"معاذٌ" بالرفع، لكن تقدم في "المغازي" بلفظ: "بعَثَ النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبا موسى، ومعاذًا إلى اليمن، فقال: يَسِّرا، ولا تُعَسِّرا … " الحديث، وَيحْمَلِ على أنَّه أضاف معاذًا إلى أبي موسى بعد سَبْق ولايته، لكن قبل توجّهه، فوَصّاهما عند التوجه بذلك، ويمكن أن يكون المراد: أنه وَصَّى كلًّا منهما واحد بعد آخر. انتهى (٢).

(فَلَمَّا قَدِمَ) معاذ (عَلَيْهِ)؛ أي: على أبي موسى، وفي رواية للبخاريّ في "المغازي": "أن كلًّا منهما كان على عَمَل مستقلّ، وأن كلًّا منهما كان إذا سار في أرضه، فقرُب من صاحبه، أحدَثَ به عهدًا"، وفي أخرى هناك: "فجعلا يتزاوران، فزار معاذٌ أبا موسى، وفي أخرى: "فضَرَب فُسطاطًا".

(قَالَ) أبو موسى (انْزِلْ) عن دابّتك، فاجلس على الوسادة، (وَأَلْقَى لَهُ وِسَادَةً) - بكسر الواو -: الْمِخَدّة، جَمْعها: وِسادات، ووسائد، والوِساد - بغير هاء: كلُّ ما يُتوسّد به، من قُمَاشٍ، وتُراب، وغير ذلك، والجمع: وُسُدٌ، مثلُ


(١) "المفهم" ٤/ ١٧ - ١٨.
(٢) "الفتح" ١٦/ ١٤٩، كتاب "استتابة المرتدّين" رقم (٦٩٢٣).