للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

استفتاح، وتنبيه. (كُلُّكُمْ رَاعٍ) مبتدأ وخبرٌ، والراعي هو الحافظ المؤتَمَن الملتزِم صلاح ما اؤتُمِن علَى حفظه، فهو مطلوب بالعدل فيه، والقيام بمصالحه. (وَكلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) قال في "العمدة": الرعيّة كلُّ من شَمِله حِفظ الراعي، ونَظَره، وأصل الرعاية: حِفظ الشيء، وحُسن التعهد فيه، لكن تختلف، فرعاية الإمام هي ولاية أمور الرعية، وإقامة حقوقهم، ورعاية المرأة حُسن التعهّد في أمر بيت زوجها، ورعاية الخادم هو حِفظ ما في يده، والقيام بالخدمة، ونحوها، ومن لَمْ يكن إمامًا، ولا له أهل، ولا سيد، ولا أبٌ، وأمثال ذلك فرعايته على أصدقائه، وأصحاب معاشرته. انتهى (١).

(فَالأَمِيرُ) وفي رواية للبخاريّ: "فالإمام"؛ أي: الإمام الأعظم، (الَّذِي عَلَى النَّاسِ) وفي بعض النسخ: "على ناس" بالتنكير، (رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِه، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ) وفي رواية: "في أهل بيته"، (وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا)؛ أي: زوجها، (وَوَلَدِه، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ) قال الطيبيّ: الضمير في "عنهم" راجع إلى "بيت بعلها، وولده"، وغلّب العقلاء فيه على غيرهم. انتهى (٢). (وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِه، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ)، وفي رواية سالم: "قال: سمعت هؤلاء من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأحسب النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: والرجل راع في مال أبيه، ومسئول عن رعيته".

قال الخطابيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: اشتركوا؛ أي: الإمام، والرجل، ومن ذُكِر في التسمية؛ أي: في الوصف بالراعي، ومعانيهم مختلفة، فرعاية الإمام الأعظم: حياطة الشريعة، بإقامة الحدود، والعدل في الحكم، ورعاية الرجل أهله: سياسته لأمرهم، وإيصالهم حقوقهم، ورعاية المرأة: تدبير أمر البيت، والأولاد، والخدم، والنصيحة للزوج في كلّ ذلك، ورعاية الخادم: حِفْظ ما تحت يده، والقيام بما يجب عليه من خدمته. انتهى (٣).

وقال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: معنى الراعي هنا: الحافظ المؤتمَن على ما يليه،


(١) "عمدة القاري" ٢٤/ ٢٢١.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٥٦٩.
(٣) الأعلام" ١/ ٥٧٩.