للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَمَرهم النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالنصيحة فيما يَلُونه، وحذّرهم الخيانة فيه بإخبارهم أنهم مسئولون عنه، فالرعاية حفظ الشيء، وحسن التعهّد، فقد استوى هؤلاء في الاسم، ولكن معانيهم مختلفةٌ، فأما رعاية الإمام، فهي ولاية أمور الرعيّة، بالحياطة من ورائهم، وإقامة الحدود، والأحكام فيهم، ورعاية الرجل في أهله، فهي القيام عليهم بالحقّ في النفقة، وحسن العشرة، ورعاية المرأة في بيت زوجها، فهي حسن التدبير في أمر بيته، والتعهّد بخدمته، وأضيافه، ورعاية العبد في مال سيّده، فهي حِفْظ ما في يده من مال سيّده، والقيام بشغله. انتهى (١).

(أَلَا) بالتخفيف أيضًا، وكرّرها للتوكيد، (فَكُلُّكُمْ رَاعٍ) هو تشبيه أضمر فيه أداته؛ أي: مثلُ راعٍ، والفاء جواب شرط محذوف؛ أي: إذا كان الأمر هكذا، فكلّكم راع … إلخ، ووجه التشبيه: حفظ الشيء، وحسن التعهّد لِمَا استُحفظ، وهو القدر المشترك (٢). (وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ") قال النوويّ رَحمه اللهُ: قال العلماء: الراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه، وما هو تحت نَظَره، ففيه أن كلّ من كان تحت نظره شيء، فهو مطالب بالعدل فيه، والقيام بمصالحه في دينهه، ودنياه، ومتعلّقاته. انتهى (٣).

وقال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وهذا تمثيل لا يُرى في الباب ألطف، ولا أجمع، ولا أبلغ منه، فإنه أجْمَلَ أوَّلًا، ثم فَصّل، وأتى بحرف التنبيه مكرّرًا، وأتى بالْفَذْلكة كالخاتمة؛ إشارةً إلى استيفاء التفصيل، قال: والْفَذْلكة هي التي يأتي بها المحاسِب بعد التفصيل، ويقول: فذلك كذا وكذا؛ ضبطًا للحساب، وتوقّيًا من الزيادة والنقصان فيما فصّله. انتهى بزيادة يسيرة (٤).

وقال غيره: دخل في هذا العموم: المنفرد الذي لا زوج له، ولا خادم، ولا ولد، فإنه يَصْدُق عليه أنه راعٍ على جوارحه، حتى يَعْمَل المأمورات،


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٥٦٨.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٥٦٩.
(٣) "شرح النوويّ" ١٢/ ٢١٣.
(٤) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٥٦٩.