للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَة، عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ، لَهَا ثُغَاءٌ) بضم المثلثة، وتخفيف المعجمة، وبالمدّ: صوت الشاة، يقال: ثَغَت الشاةُ تَثْغُو ثُغَاءً، مثلُ صُرَاخ وزنًا ومعنًى، فهي ثاغية (١). (يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ، لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَة، عَلَى رَقَبَتِهِ نَفْسٌ، لَهَا صِيَاحٌ) أراد بالنفس: ما يَغُلّه من السبي، من رقيق، أو امرأة، أو صبيّ، و"الصياح" بكسر الصاد المهملة، وضمّها: الصوت بأقصى الطاقة، كالصَّيْحَة، والصَّيْح، والصّيَحَان محرّكةُ، قاله المجد (٢). (فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ، لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَة، عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ)؛ أي: تتقعقع، وتضطرب، إذا حرّكتها الرياح، وقيل: معناه تَلْمَع، والمراد بها: الثياب، قاله ابن الجوزيّ، وقال الحميديّ: المراد بها: ما عليه من الحقوق المكتوبة في الرقاع، واستبعده ابن الجوزيّ؛ لأنَّ الحديث سيق لذكر الغلول الحسيّ، فحَمْله على الثياب أنسب (٣). (فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ، لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَة، عَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ)؛ أي: ذهب، وفضّة، وقيل: ما لا رُوح فيه من أصناف المال، (فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ").

قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وكأن هذا الحديث تفصيل ما أجمله قوله تعالى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} الآية [آل عمران: ١٦١]؛ أي: يأت به معذَّبًا بحمله وثِقْله، ومرعوبًا بصوته، وموبَّخًا باظهار خيانته على رؤوس الأشهاد، وهذا يدلّ على أنَّ الغلول كبيرة من الكبار. انتهى (٤).

مسائل تتعلَّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:


(١) "المصباح المنير" ١/ ٨٢.
(٢) "القاموس المحيط" ص ٧٦٤.
(٣) "الفتح" ٧/ ٣٢٦ - ٣٢٧، كتاب "الجهاد" رقم (٣٠٧٣).
(٤) "المفهم" ٤/ ٢٩.