وقال ابن يونس: شَهِدَ فتح مصر، وقُبِر في مقبرتها، وحَكَى محمد بن الربيع الْجِيزيّ أنه وَهَمٌ (١).
(بَعَثَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَرِيَّةٍ) قال في "الفتح": قوله: "نزلت في عبد الله بن حذافة" كذا ذكره مختصرًا، والمعنى: نزلت في قِصّة عبد الله بن حُذافة؛ أي: المقصود منها في قصته قوله: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ} الآية.
قال الحافظ: وقد غَفَل الداوديّ عن هذا المراد، فقال: هذا وَهَمٌ على ابن عباس، فإن عبد الله بن حُذافة خرج على جيش، فغَضِب، فأوقدوا نارًا، وقال: اقتحموها، فامتنع بعض، وهَمّ بعض أن يفعل، قال: فإن كانت الآية نزلت قبلُ، فكيف يَخصّ عبد الله بن حُذافة بالطاعة دون غيره؟ وإن كانت نزلت بعدُ، فإنما قيل لهم: إنما الطاعة في المعروف، وما قيل لهم: لِمَ لَمْ تطيعوه؟ انتهى.
قال الحافظ: وبالحَمْل الذي قدّمته يظهر المراد، وينتفي الإشكال الذي أبداه؛ لأنهم تنازعوا في امتثال ما أمرهم به، وسببه أن الذين هَمُّوا أن يطيعوه، وقفوا عند امتثال الأمر بالطاعة، والذين امتنعوا عارضه عندهم الفرار من النار، فناسب أن يَنْزل في ذلك ما يُرشدهم إلى ما يفعلونه عند التنازع، وهو الردّ إلى الله تعالى، وإلى رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ أي: إن تنازعتم في جواز الشيء وعدم جوازه، فارجعوا إلى الكتاب والسُّنَّة، والله أعلم.
وقد رَوَى الطبريّ أن هذه الآية نزلت في قصةٍ جَرَتْ لعمار بن ياسر، مع خالد بن الوليد، وكان خالد أميرًا، فأجار عمار رجلًا بغير أَمْره، فتخاصما، فنزلت، فالله أعلم.
وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وقول ابن عباس - رضي الله عنهما -: "بعثه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سرية" كلام غير تامّ، وتتميمه: أن عبد الله بن حُذَافَةَ أمرهم بأمر، فخالف بعضهم، وأَنِفَ على عادة العرب، فإنهم كانوا يأنفون من الطّاعة، قال الشافعيّ: كانت العرب تأنف من الطّاعة للأمراء، فلمَّا أطاعوا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمرهم بطاعة الأمراء، وقال أبو العالية: نزلت الآيةُ بسبب عمَّار بن ياسر،