للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ينبغي أن يُمنع هذا، ولو جوّزنا الرواية بالمعنى. انتهى (١)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الرابعة): سبب سريّة عبد الله بن حُذافة - رضي الله عنه - هذه: هو ما أخرجه أحمد، وابن ماجة، وصححه ابن حبّان، والحاكم من طريق عمر بن الحكم بن ثوبان، أن أبا سعيد الخدريّ قال: بعث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علقمة بن مُجَزِّز الْمُدْلِجيّ على بَعْث أنا فيهم، فخرجنا، حتى إذا كنا على رأس غَزَاتنا، أو في بعض الطريق استأذنته طائفة، فأَذِن لهم، وأَمَّر عليهم عبد الله بن حُذافة السهميّ، وكان من أصحاب بدر، وكانت فيه دُعَابةٌ، فكنت فيمن رجع معه، فبينا نحن في الطريق، نزلنا منزلًا، وأوقد القوم نارًا، يصطلون بها، أو يصنعون عليها صنيعًا لهم، إذ قال لهم عبد الله بن حذافة: أليس لي عليكم السمع والطاعة؟ قالوا: بلي، قال: فأنا آمركم بشيء ألا فعلتموه؟ قالوا: بلي، قال: فإني أعزم عليكم بحقي، وطاعتي، إلَّا تواثبتم في هذه النار، قال: فقام ناس حتى إذا ظنّ أنهم واثبون فيها، قال: أمسكوا عليكم أنفسكم، إنما كنت أضحك معكم، فلمّا قَدِمُوا على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذكروا ذلك له، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مَن أمركم بمعصية فلا تطيعوه".

وذكر ابن سعد أن سريّة علقمة بن مُجَزِّز المدلجيّ إلى الحبشة في شهر ربيع الآخر، سنة تسع من مهاجر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قالوا: بلغ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن ناسًا من الحبشة، تراياهم أهل جُدّة، فبعث إليهم علقمةَ بن مُجَزِّز في ثلاثمائة، فانتهى إلى جزيرة في البحر، وقد خاض إليهم البحر، فهربوا منه، فلما رجع تعجّل بعض القوم إلى أهلهم، فأَذِن لهم، فتعجّل عبد الله بن حُذافة السهميّ فيهم، فأَمَّره على من تعجل، وكانت فيه دُعابة، فنزلوا ببعض الطريق، وأوقدوا نارًا يصطلون عليها، ويصطنعون، فقال: عزمت عليكم إلَّا تواثبتم في هذه النار، فقام بعض القوم، فاحتجزوا حتى ظنّ أنهم واثبون فيها، فقال: اجلسوا، إنما كنت أضحك معكم، فذكروا ذلك لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: "من أمركم بمعصية فلا تطيعوه". انتهى (٢)، والله تعالى أعلم.


(١) راجع: شرحي المسمّى "إسعاف ذوي الوطر بشرح ألفيَّة الأثر" ٢/ ٩٣ - ٩٥.
(٢) "الطبقات الكبرى" لابن سعد - رَحِمَهُ اللهُ - ٢/ ١٦٣.