للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عليه، وإلا فلا؛ لحديث أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه -، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من رأى منكم منكرًا، فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"، رواه مسلم.

فقد رخّص الشارع في هذا النصّ في ترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر فعلًا، أو قولًا عند عدم الاستطاعة، فالقول بالوجوب مطلقًا مخالف لهذا النصّ.

لكن لو أخذ أحد بالعزيمة، فواجه من يخافه بذلك، لكان أفضل؛ لِمَا أخرجه النسائيّ (٤٢١١) بإسناد صحيح، عن طارق بن شهاب، أن رجلًا سأل النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقد وضع رجله في الْغَرْز: أيُّ الجهاد أفضل؟ قال: "كلمة حقّ، عند سلطان جائر"، والله تعالى أعلم.

(المسألة الرابعة): في حكم البيعة:

قال القرطبيّ - رحمه الله -: البيعة واجبة على كلّ مسلم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتةً جاهليّة"، رواه مسلم، غير أنه من كان من أهل الحلّ والعقد، والشهرة، فبيعته بالقول، والمباشرة باليد، إن كان حاضرًا، أو بالقول والإشهاد عليه، إن كان غائبًا، ويكفي من لا يؤبه له، ولا يُعرف أن يعتقد دخوله تحت طاعة الإمام، ويَسمع، ويُطيع له في السرّ والجهر، ولا يعتقد خلاف ذلك، فإن أضمره، فمات مات مِيتَةً جاهليّة؛ لأنه لم يجعل في عنقه بيعة. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "واجبة على كلّ مسلم. . . إلخ" هذا إذا كان للمسلمين إمام، أما إذا لم يكن لهم إمام، وكانوا فوضَى، فلا وجوب؛ لحديث حذيفة المتّفق عليه، واللفظ للبخاريّ، قال: كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يُدركني، فقلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟، قال: "نعم"، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: "نعم، وفيه دَخَنٌ"، قلت: وما دخنه؟ قال: "قوم يَهدُون بغير هديي، تَعرف


(١) "المفهم" ٤/ ٤/ ٤٤.