للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وخَلَفته: جئتُ بعده (١).

(وَإِنَّهُ) الضمير للشأن، وهو الذي تفسّره الجملة بعده، كما قال ابن مالك في "الكافية الشافية" (٢):

وَمُضْمَرُ الشَّأْنِ ضَمِيرٌ فُسِّرَا … بِجُمْلَةٍ كَـ "إِنَّهُ زَيْدٌ سَرَى"

للابْتِدَا أَوْ نَاسِخَاتِهِ انْتَسَبْ … إِذَا أَتَى مُرْتَفِعًا أَوِ انْتَصَبْ

وَإِنْ يَكُنْ مَرْفُوعَ فِعْلٍ اسْتَتَرْ … حَتْمًا وَإِلا فَتَرَاهُ قَدْ ظَهَرْ

فِي بَابِ "إِنَّ" اسْمًا كَثِيرًا يُحْذَفُ. . . كَـ "إِنَّ مَنْ يَجْهَلْ يَسَلْ مَنْ يَعْرِفُ"

وَجَائِزٌ تَأْنِيثُهُ مَتْلُوَّ مَا … أُنِّثَ أَوْ شَبِيهَ أُنْثَى أَفْهَمَا

وَقَبْلَ مَا أُنِّثَ عُمْدَةً فَشَا … تَأْنِيثُهُ كَـ "إِنَّهَا هِنْدٌ رَشَا"

(لَا نَبِيَّ بَعْدِي)؛ أي: فيفعلَ ما كان أولئك يفعلون، وقال الطيبيّ - رحمه الله -: قوله: "وإنه لا نبيّ بعدي" معطوف على "كانت بنو إسرائيل"، واسم "إنّ" ضمير الشأن، وإنما خولف بين المعطوف والمعطوف عليه؛ لإرادة الثبات والتوكيد في الثاني؛ يعني: أن قصّة بني إسرائيل كيت وكيت، وقصّتنا كيت وكيت. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "وإنه لا نبيّ بعدي": هذا النفي عامٌ في الأنبياء والرُّسل؛ لأن الرَّسول نبيٌّ وزيادة، وقد جاء نصًّا في كتاب الترمذيّ (٤) قوله: "لا نبي بعدى ولا رسول"، وقد قال الله تعالى: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} الآية [الأحزاب: ٤٠]، ومن أسمائه - صلى الله عليه وسلم - في الكتب المتقدمة، وفيما أطلقته هذه الأمَّة: خاتم الأنبياء، ومن أسمائه: العاقب، والمقفِّي، فالعاقب: الذي يَعْقُبُ الأنبياءَ، والْمُقَفِّي: الذي يقفوهم؛ أي: يكون بعدهم.

وعلى الجملة: فهو أمرٌ مُجْمَع عليه، معلوم من دِين هذه الأمَّة، فمن ادَّعى أنَّه بَعْدَهُ نبيّ، أو رسولٌ؛ فإن كان مُسِرًّا لذلك، واطُّلِع عليه بالشهادة المعتبرة قُتِل قِتْلة زنديق، فإن صرَّح بذلك فهو مرتد، يُستتاب، فإن تاب، وإلا


(١) راجع: "المصباح المنير" ١/ ١٧٨.
(٢) "الكافية الشافية" ١/ ٢٣٣ - ٢٣٤.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٥٦٤.
(٤) ليس عند الترمذيّ، بل هو عند الحاكم في "المستدرك" ٢/ ٦٣١.